للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس الأمر على الاتفاق كما قال، فهناك رواية للحنابلة، أو قول للحنابلة: "أن الحكم لا ينفذ"، وعند غيرهم أيضًا في مذهب الحنفية (١)، لذلك قال المؤلف: "كما أظن"؛ فهو لم يجزم رحمه الله تعالى، لكن قوله هو ظن فعلًا، فلم تكن المسألة متفقًا عليها.

* قوله: (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَنْفُذُ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّصُّ وَهُوَ الغَضْبَانُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ المَنْهِيِّ عَنْهُ).

من العلماء - كما سبق بيان ذلك - من قال: "ينفذ حكمه وهو غضبان"؛ واستدلوا بالحديث المتفق عليه في قصة الزُّبَير بن العوام والأنصاري، عندما شكا الأنصاري إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة، يعني في مسير الحرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك". فكأن الأنصاري تأثر فقال: "أن كان ابن عمتك؟ "، فغضب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وحاشاه أن يميل مع أحد، ولو كان أقرب الناس إليه، ولذلك قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر" (٢)، أي: يرتفع.


= ومذهب الحنابلة، يُنظر: "منتهى الإرادات" للبهوتي (٥/ ٢٧٢)؛ حيث قال: "والقضاء وهو غضبان كثيرًا، أو حاقن، أو في شدة جوع، أو عطش، أو هم، أو ملل، أو كسل، أو نعاس، أو برد مؤلم، أو حر مزعج، وإن خالف فأصاب الحق نفذ".
(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٧/ ٢٧١)؛ حيث قال: "وينبغي أن لا يقضي وهو غضبان أو فرحان أو جائع أو عطشان أو مهموم أو ناعس أو في حال برد شديد أو حر أو وهو يدافع الأخبثين أو به حاجة إلى الجماع. والحاصل أنه لا يقضي حال شغل قلبه".
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٥٩)، ومسلم (٢٣٥٧) عن عبد الله بن الزُّبَير - رضي الله عنهما -، أنه حدثه: أن رجلًا من الأنصار خاصم الزُّبَير عند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة، التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر. فأبى عليه؟ فاختصما عند النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "اسق يا زير، ثم أرسل الماء إلى جارك". فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر". فقال الزُّبَير: والله، إني لأحسب هده الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>