للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حينئذ أمره بأن يأخذ حقه كاملًا.

قالوا: "فرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قد غضب، ومع ذلك أيضًا نفذ حكمه".

وبعضهم يقول: "فرق بين أن يقرر الحكم قبل الغضب أو بعده".

والمسألة فيها خلاف، لكن لا شك أن القاضي لا ينبغي له أن يكون مهيئًا للخصومة مع أحد الخصمين أو كليهما، وينبغي ألا تكون هناك عوائق أو مشاغل تشغله عن ذلك، حتى لا يتشوش ذهنه، ولا يشتغل فؤاده، ولا ينصرف عقله عن ذلك القضاء إلى أمور أخرى، فإنه بشر، والبشر يتأثر بما يصيبه، وبما ينزل بساحته.

* قوله: (وَأَمَّا مَتَى يَنْفُذُ الحُكْمُ عَلَيْهِ فَبَعْدَ ضَرْبِ الأَجَلِ وَالإِعْذَارِ إِلَيهِ).

يعني ينفذ حكم القاضي عليه، والمراد: على المدعى عليه.

* قوله: (وَمَعْنَى نُفُوذِ هَذَا: هُوَ أَنْ يُحِقَّ حُجَّةَ المُدَّعِي أَوْ يَدْحَضَهَا).

(أن يحق) يعني أن يثبت حجة المدعي.

(أو أن يدحضها)، أي: يرفضها؛ يعني القاضي. فالقاضي في الخصومة إما أن يحق حجة المدعي، أي: البينة فيثبتها، وإما أن يرفضها ويردها، فإن أثبتها وأقرَّها ثبت الحكم، وتبقى الحجة قائمة على المدعى عليه.

* قوله: (وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ حُجَّةً بَعْدَ الحُكْمِ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَالأَشْهَرُ أَنَّهُ يَسْمَعُ فِيمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ مِثْلَ الأَحْبَاسِ (١)، وَالعِتْقِ وَلَا يَسْمَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ).


(١) الأحباس: جعل الشيء موقوفًا على التأبيد. انظر: "مجمع بحار الأنوار" للكجراتي (٥/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>