قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسد إلا في اثنتين". والمقصود ب (الحسد) هنا: الغبطة؛ أي أن الإنسان لا يغبط أحدًا إلا في واحد من أمرين. وفي بعض الروايات جاء ما يتعلق بذكر (القرآن) بدل (المال)، وذلك مما يغبط عليه المرء أيضًا.
لكن هنا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رجل آتاه الله مالًا، فسلطه على هلكته في الحق " يعني أنه يصرف هذا المال في القربات، في طاعة الله سُبحانه وتعالى، فتجد أن يمينه تنفق أمواله لا تدري شماله شيئًا مما تنفق يمينه، فيكون من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وقد ذكر منهم النبي - صلى الله عليه وسلم - صنفًا فقال:"ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"(١). واللّه تعالى حض على الصدقات ورغّب فيها في القرآن الكريم كما في قوله تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)} [البقرة: ٢٥٤]. {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٦١].
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:"من تصدق بعدل تمرة … "، يعني ب "عدل التمرة" بقيمة التمرة، هذه التمرة قد يراها أحدنا مطروحة في الأرض، "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب" يعني من كسب حلال، ولا يقبل الله تعالى إلا ما كان طيبًا من كسب حلال، "واللّه سُبحانه وتعالى لا يقبل إلا طيبًا،
(١) أخرجه البخاري (١٤٢٣)، ومسلم (١٠٣١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه".