للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عمر" (١). إذًا محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن نقدمها على محبة آبائنا وأبنائنا وإخواننا وأمهاتنا وأعمامنا، بل وأنفسنا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أنقذنا الله تعالى به من الضلالة إلى الهدى، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشك إلى اليقين، فهذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أخرجنا الله سُبحانه وتعالى به من الظلمات إلى النور. قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: ١٥، ١٦].

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن ينزل المنزلة لا يقابلها بين البشر منزلة، لكن ينبغي ألا نتجاوز به الحد أيضًا مع هذه المحبة العظيمة التي لا تساويها محبة أحد من الناس، فلا ينبغي أن نرفعه عن مقام العبودية الذي أنزله الله إياه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" (٢).

فأشرف ما ينادى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو عبد الله؛ لأن الله تعالى عندما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في سياق الثناء قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: ١].

إذًا محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متعينة، لكن ما علاماتها؟

يقول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] إذًا محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست بالتمني، ولا بمجرد الدعوى، محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكون باتباع هديه - صلى الله عليه وسلم -، فمن يعمل بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبما دعا إليه، يكون من الذين أحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاية المحبة.

أما الذين يدّعون تلك المحبة، ويخرجون عن شريعة الله سُبحانه وتعالى،


(١) أخرجه البخاري (٦٦٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>