للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَافِ مَالِكٍ مَعَ الشَّافِعِيِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ، فَمُعَارَضَةُ حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي هَذَا المَعْنَى لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (١)، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الظُّهْرَ فِي اليَوْمِ الثَّانِي فِي الوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ العَصْرَ فِي اليَوْم الأَوَّلِ (٢). وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرْ وَقْتُ العَصْرِ"، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ (٣)، فَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ جِبْرِيلَ جَعَلَ الوَقْتَ مُشْتَرَكًا، وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكا، وَحَدِيثُ جِبْرِيلَ أَمْكَنَ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى حَدِيثِ جِبْرِيلَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي تَجَوَّزَ فِي ذَلِكَ؛ لِقُرْبِ مَا بَيْنَ الوَقْتَيْنِ، وَحَدِيثُ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ).

يرى "الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ" أنه إذا صار ظلُّ كلِّ شيء مثله انتهى وقت الظهر، وبدأ وقت العصر؛ فلا فصل بين الوقتين ولا اشتراك بينهما.

ويفسرون ما ورد في حديث إمامة جبريل بأن جبريل صلى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في اليوم الأول حين صار ظلُّ كل شيء مثله، أي: حينما انتهى، يعني: بدأ به حين صار كلُّ شيء مثله، وفي اليوم الثاني: صلى به


(١) هو ليس حديث ابن عمر كما قال المؤلف؛ إنما ابن عمرو بن العاص، وسينبه الشارح بعد قليل على أنه خطأ بالنسخ.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٦١٢/ ١٧٢) وغيره عن عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "وقت الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس".

<<  <  ج: ص:  >  >>