للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر، أي: انتهى من صلاة الظهر حين صار ظلُّ كل شيء مثله، وبذلك لا انفصال بين الوقتين ولا اشتراك (١).

وبعض العلماء: يقول إن ذلك دليل على المقاربة، فصلى جبريل به الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى به العصر في اليوم الأول دليل على تقارب الوقتين (٢).

ولذلك ورد في الحديث الصحيح أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ" (٣).

فهذا دليل للجمهور الذين يرون أن وقت الظهر ليس مشتركًا مع العصر، إلا لأهل الضرورة، وهذا معروف (٤).


(١) قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (٢/ ١٤): "فإن قيل: فتحمل صلاة جبريل به في اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله على ابتداء الصلاة كما حملنا صلاته به في اليوم الأول عند الزوال على ابتداء الصلاة، قيل: لا يجوز أن تحمل صلاته في اليوم الأول إلا على الابتداء، وفي اليوم الثاني إلا على الانتهاء؛ لأن المقصود بها في اليوم الأول تحديد أول الوقت ولا يمكن تحديده إلا بابتداء الصلاة فيه، والمقصود بها في اليوم الثاني تحديد آخر الوقت، ولا يمكن تحديده إلا بانتهاء الصلاة فيه".
(٢) قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (١/ ١٢٣): "ومعنى ما ورد أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كلُّ شيء مثليه، أي: قرب من ذلك فلا يكون منسوخًا؛ لأنا نقول: هذا نسبة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الغفلة وعدم التمييز بين الوقتين، أو إلى التساهل في أمر تبليغ الشرائع، والتسوية بين أمرين مختلفين، وترك ذلك مبهمًا من غير بيان منه أو دليل يمكن الوصول به إلى الافتراق بين الأمرين، ومنَله لا يظن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ".
(٣) أخرجه مسلم (٦١٢/ ١٧٣) وغيره عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان".
(٤) قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (٢/ ١١): "قال الشافعي: "والوقت للصلاة وقتان وقت مقام ورفاهية، ووقت عذر وضرورة"، فقسم الشافعي أوقات الصلاة قسمين قسمًا جعله وقتًا للمقيمين المترفهين، وقسمًا ججله وقتًا للمعذورين والمضطرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>