للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أيضًا: قول جبريل بعد أن صلى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- مرتين فى آخر الحديث: "يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، الوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ" (١)؛ فكونه فيما بين هذين، بين الزوال والمثل، دليل على أنه وقت العصر يعقب ذلك؛ فلينتبه.

وفي كتب الشافعية (٢)، والحنفية (٣): ينصون على أن إذا صار ظل كل شيء مثله؛ فزاد أدنى زيادة -يعنى: قليل جدًا- يبدأ وقت العصر، ويكون وقت الظهر قد انتهى عند المثل.

وأما حديث عبد الله بن عمر (٤)، وحديث إمامة جبريل؛ فظاهرهما التعارض:

أحدهما: جعل آخر وقت الظهر هو أول وقت العصر.

والثاني: وضع حذا بين الصلاتين؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ"؛ وظاهر هذا الحديث نصًّا ودلالةً أن وقت الظهر ينتهي بدخول وقت العصر.

ويرى المؤلف وغيره أن حديث عبد الله أقرب أن يحمل عليه حديث جبريل، من أن يحمل حديث جبريل على حديث عبد الله؛ لأن حديث جبريل يتطرق إليه الاحتمال؛ لوجود التقارب بين الوقتين.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ٣٦٤ - ٣٦٥) قال: "مصير ظل الشيء مثله سوى ما مرَّ أول وقت العصر للحديث المار، ولا يشترط حدوث زيادة فاصلة بينه وبين وقت الظهر، وأما قول الشافعي فإذا جاوز ظل الشيء مثله بأقل زيادة فقد دخل وقت العصر فليس مخالفًا لذلك بل هو محمول على أن وقت العصر لا يكاد يعرف إلا بها وهي منه".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ١٢٣) قال: "وأما أول وقت العصر فعلى الاختلاف الذي ذكرنا في آخر وقت الظهر، حتى روي عن أبي يوسف أنه قال: خالفت أبا حنيفة في وقت العصر فقلت: أوله إذا دار الظل على قامة اعتمادًا على الآثار التي جاءت، وآخره حين تغرب الشمس عندنا".
(٤) قدمت أنه من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>