للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف العلماء حول النِّيَّة فيما إذا كانت شرطًا من شروط العبادة، أو ركنًا من أركانها:

وَالعُلَماءُ في هذا الأمر على قَوْلَين:

الأوَّل: أنَّها رُكْنٌ (١)، وأصْحَاب هذَا الرَّأي يُعلِّلونه بأن الرُّكْنَ يُلازِمُ العبَادةَ، ويَكُون معَها، بينما الشَّرط يَكُون مُتَقدِّمًا على العبادة.

الثَّانِي: أنَّ النيَّة ركنٌ في أوَّل العبادة، شرطٌ في أثنائها (٢)، بمعنى أنَّ استمرار أحكام النيَّة أثناء العبادة إنما هو شرطٌ في العبادة، فالمكلَّف يقدم النيَّة على العبادة، ثمَّ يَسْتصحب حُكمَها معه أثناء عبادته، وقد يَغْفل الإنسان أو يسهو في صلاتِهِ، كما حدث من الصحابي عمر - رضي الله عنه - الذي قال: " وَافَقَني ربِّي في ثلاثٍ " (٣)، فقد كان يَذكُر أنه أحيانًا في صلاتِهِ يُجَهِّزُ الجيوشَ، فما بالنا بغَيْره!

شروط النية:

الشَّرْط الأوَّل: الإسلام (٤)، فبعض العلماء يَجْعل الإسلامَ شرطًا من شُرُوط النيَّة، وهذا يجرُّنا لقضيَّة اشتراط الإسلام في الفُرُوع، وَمَا إذَا كان


(١) يُنظر: " النجم الوهاج " للدميري (١/ ٣١١) حيث قال: " وهو في الشرع (أي: الوضوء): غسل أعضاء مخصوصة مفتتحة بالنية. قال: (فرضه ستة). الفرض والواجب بمعنًى وَاحِدٍ، والمراد هنا: الركن ".
(٢) يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (٢/ ١٩)، حَيْثُ قَالَ: " قَوْله: (وهي الشَّرط السادس)، الصحيح من المذهب، وعلَيه أكثر الأصحاب، وقطع به كَثيرٌ منهم: أن النيَّة شَرطٌ لصحة الصَّلاة، وعنه فرضٌ، وهو قولٌ في " الفروع "، ووجه في المذهب وغيره … قال في " المستوعب ": وقال القاضي وغيرُهُ من أصحابنا: شرائطها خمسةٌ، فنقصوا منها النيَّة، وعدوها ركنًا. وقال الشيخ عبد القادر: وهي قبل الصلاة شرط، وفيها ركنٌ. قال في " مجمع البحرين ": فيَلْزمهم مثله في بقيَّة الشروط، ذكَره في أركان الصلاة ".
(٣) أخرجه البخاري (٤٤٨٣).
(٤) يُنظر: " الأشباه والنظائر " لابن نجيم (ص ٤٢) حيث قال: " العاشر في شروط النية: الأول: الإسلام؛ ولذا لم تصحَّ العبادات من كافرٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>