للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفَّارُ سيُؤَاخَذون على أُصُول الدِّين فقط أم أنهم سيؤاخَذون أيضًا على فُرُوعِهِ (١)، فالقائلون بمؤاخَذَتهم على الأصول وَحْدها يقولون بأنَّ الكفارَ سيُعَذَّبون على تَرْكهم لأُصُول الدِّين، ولا حسابَ على الفروع، أما الآخرون فيقولون بأنهم سيعذَّبون على تَرْكهم لفُرُوع الدِّين عذابًا زائدًا على تَرْكهم لأصوله (٢)، فثَمَرة هذَا الخلَاف إنَّما هي أمرٌ أُخرَوِيٌّ، بَلْ إنَّ العلَماء قَالوا بأن ذِكْرَ هذا الخلَاف في العقيدة وأُصُول الفِقْهِ يُغْني عن ذِكْرِهِ في الفقه.

قَضيَّة التَّميُّز أيضًا، النيَّة يُطْلب فيها التميُّز، ومن أهم شروط النيَّة إنَّما هو تعيُّن المنويِّ.

الشَّرط الثَّانِي: تمييز المنوي (٣)، فَيَجب تعيين المنوي؛ حتَّى لا يأتي المكلَّف بما ينافيه، فلو أن إنسانًا نوَى الصَّلاة، ودَخَل فيها، ثمَّ بعد ذلك ارتدَّ، فإن ردَّته هاهنا أبطلَت صلاتَه، وكَذَلك لو أن إنسانًا نوَى الوُضُوء، ثمَّ نوى قَطْعَه، فحِينَئذٍ يَكُون قد أفسَدَ هذه النيَّة.


(١) يُنظر: " شرح تنقيح الفصول " للقرافي (ص ١٦٢) حيث قال: " أجمعت الأُمَّة على أنَّهم مُخَاطبون بالإيمان، واختلفوا في خطابهم بالفروع. قال الباجي: وظاهر مذهب مالكٍ خِطَابهم بها خلافًا لجمهور الحنفية وأبي حامد الإسفراييني ".
(٢) يُنظر: " شرح الكوكب المنير " لابن النجار (١/ ٥٠٣)، حيث قال: " والفائدة (أَيْ: فائدة القول بأنهم مخاطبون بفروع الإسلام) كثرة عقابهم في الآخرة، لا المطالبة بفعل الفروع في الدُّنيا، ولا قضاء ما فات منها ". وانظر: " شرح تنقيح الفصول " للقرافي (ص ١٦٥).
(٣) يُنظر: " الأشباه والنظائر " لابن نجيم (ص ٤٣) حيث قال في شروط النية:
" الثَّانِي: التَّمييز: فلا تَصحُّ عبادة صبيٍّ مميزٍ ولا مجنونٍ، ومن فروعه: عمل الصبي، والمجنون خطأ، ولكنه أعمُّ من كون الصبي مميزًا، أو لا، وينتقض وضوء السكران لعَدَم تمييزه، وتبطل صلاته بالسكر كما في " شرح منظومة ابن وهبان ".
الثالث: العلم بالمنويِّ، فمَنْ جهل فرضيَّة الصلاة، لم تصحَّ منه …
الرابع: ألَّا يأتي بمُنَافٍ بين النيَّة والمنويِّ، قالوا: إن النيِّة المتقدمة على التحريمة جائزة بشرط ألا يأتي بعدها بمنافٍ ليس منها، وعلى هذا تبطل العبادة بالارتداد في أثنائها، وتبطل صحبة النَّبيِّ - صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم - بالردة إذا مات عليها … ومن المنافي نية القطع: فإذا نوى قطع الإيمان، صار مرتدًّا للحال ".

<<  <  ج: ص:  >  >>