للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَاوُدُ (١) إِلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ بِهَا أَفْضَلُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي طَرِيقَةِ جَمْعِ الأَحَادِيثِ المُخْتَلِفَةِ الظَّوَاهِرِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ طَرِيقِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ قَالَ: "أَسْفِرُوا بِالصُّبْحِ، فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ، فَهُوَ أَعْظَمُ لِلأجْرِ" (٢)، وَرُوِيَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ سُئِلَ: أَيُّ الأعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ مِيقَاتِهَا" (٣)، وَثَبَتَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- "أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصبْحَ فَتَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ" (٤). وَظَاهِرُ الحَدِيثِ أَنَّهُ عَمَلَهُ فِي الأَغْلَبِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ خَاصٌّ، وَقَوْلَهُ: "الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ مِيقَاتِهَا" عَامٌّ، وَالمَشْهُورُ أَنَّ الخَاصَّ يَقْضِي عَلَى العَامِّ (٥) إِذَا هُوَ اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا العُمُومِ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَجَعَلَ


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٣/ ١٨٢) حيث قال: "وتعجيل جميع الصلوات في أول أوقاتها أفضل على كل حال؛ حاشا العتمة؛ فإن تأخيرها إلى آخر وقتها في كل حال وكل زمان أفضل؛ إلا أن يشق ذلك على الناس؛ فالرفق بهم أولى، وحاشا الظهر للجماعة خاصة في شدة الحر خاصة، فالإبراد بها إلى آخر وقتها أفضل ".
(٢) أخرجه الترمذي (١٥٤) وغيره عن رافع بن خديج، قال: سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر"، وحسنه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٦١٤).
(٣) أخرج هذه الزيادة ابن خزيمة في "الصحيح" (٣٢٧) وغيره.
وقوله: مختلف فيها؛ فلعله يعني أن صاحبا الصحيح أخرجا الحديث بدونها، مع أنها على شرطهما كما قاله الحاكم في "المستدرك" (٣٠٠/ ١)، وقد ذكر الحاكم له شواهد.
(٤) أخرجه البخاري (٨٦٧)، ومسلم (٦٤٥/ ٢٣٢) عن عائشة، قالت: "إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصلي الصبح، فينصرف النساء متلفعات بمروطهن، ما يعرفن من الغلس ".
(٥) هذه من القواعد الأصولية الهامة، ولها عند أهل العلم ضوابط، يقول أبو المظفر السمعاني في "قواطع الأدلة في الأصول" (١/ ١٩٩): "إن كان ورد الخاص قبل أن يحضر وقت العمل بالعام فإنه يكون الخاص مقضيًا به على العام، وإن ورد الخاص=

<<  <  ج: ص:  >  >>