للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثَ عَائِشَةَ مَحْمُولًا عَلَى الجَوَازِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا تَضَمَّنَ الإِخْبَارَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ لَا بِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ غَالِبَ أَحْوَالِهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الإِسْفَارُ أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ ". وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ العُمُومِ لِمُوَافَقَةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ لَهُ، وَلأَنَّهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ أَوْ ظَاهِرٌ، وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مُحْتَمِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ تَبَيُّنَ الفَجْرِ، وَتَحَقُّقَهُ، فَلَا تكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَا العُمُومِ الوَارِدِ فِي ذَلِكَ تَعَارُضٌ - قَالَ: أَفْضَلُ الوَقْتِ أَوَّلُهُ).

أجمع العلماء على: أن وقت صلاة الفجر: يبدأ بطلوع الفجر الصادق، وليس الفجر الكاذب الذي يطلع ضوؤه ثم يختفي (١).

وقد مرَّ آنفًا أن الفجر ينقسم إلى نوعين (٢):

الفجر الكاذب: وهو الفجر الأول، وهو البياض المُسْتَطِيل الدقيق في السماء، ويشبهونه ب (ذنب السِّرْحَان) يعني: الذئب؛ لأنه يمتد بعد ذلك ثم يغيب، ولا يحل أداء صلاة الصبح ولا يحرم الأكل على الصائم.

والفجر الصادق: وهو الفجر الثاني، وهو البياض المُسْتَطِيرُ الذي ينتشر في السماء، الذي يأتي بعد الفجر الكاذب، ويختلط بحمرة، وبه يدخل وقت صلاة الفجر، وتترتب عليه أحكام الصلاة والصيام وغيرها من أحكام هذا الوقت؛ فهو المعتبر والمعتد به.

ولذلك يقال عن الرجل الذي فيه بياض وحمرة: رجل صادق وجهه، يعني مضيء.


= بعدما حضر وقت العمل بالعام فإنه يكون نسخًا". وانظر: "الأشباه والنظائر" للسبكي (٢/ ١٩٦).
(١) نقل الإجماع ابن المنذر في "الإشراف" (١/ ٤٠١) قال: "وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر".
(٢) تقدَّم الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>