للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسَّر العلماء قوله: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا" أنه يريد أول الوقت (١).

٢ - وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ" (٢)، وفي رِوَايَةٍ: "مُتَلَفِّفَاتٍ" (٣).

وهذا دليل على أنهن كن يصلين في الظلمة.

ويريد المؤلف أن يُشير إلى أن القائلين بتفضيل الإسفار يتأولون حديث عائشة هذا على أن فعله فيه ليس هو الأغلب من حاله -صلى الله عليه وسلم-؛ بل هو بعض من حاله، ولا ينكرون التغليس لكنهم يفضلون الإسفار.

٣ - وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ في حديث الحج المشهور؛ قال: "ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في المزدلفة حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَصَلَّى الفَجْرَ، حِينَ تبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ" (٤)؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- بأداء صلاة الصبح في أول وقتها في هذا الموقف الواحد، وعجلها.

الثاني: أن الإسفار بصلاة الصبح أفضل، وهو قول الكوفيين، وأبي حنيفة، وأصحابه، والثوري، وأكثر العراقيين، وهو وقت الجواز والاختيار (٥).


(١) قال ابن رجب في "فتح الباري" (٤/ ٢٠٩): "وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاة على وقتها- أو على مواقيتها": دليل- أيضًا- على فضل أول الوقت للصلاة؛ لأن "على" للظرفية، كقولهم: "كان كذا على عهد فلان "، والأفعال الواقعة في الأزمان المتسعة عنها لا تستقر فيها، بل تقع في جزء منها، لكنها إذا وقعت في أول ذلك الوقت فقد صار الوقت كله ظرفًا لها حكمًا".
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٦٥٤/ ٢٣٢).
(٤) هذا جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخرجه مسلم (١٢١٨/ ١٤٧) وغيره.
(٥) تقدَّم ذكر مذاهبهم وأقوالهم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>