للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ (أَعْنِي: مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ) هَلِ القَوْلُ بِاشْتِرَاكِ الوَقْتِ لِلصَّلَاتَيْنِ مَعًا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمَا وَقْتَيْنِ: وَقْتٌ خَاصٌّ بِهِمَا وَوَقْتٌ مُشْتَرَكٌ؟ أَمْ إِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمَا وَقْتًا مُشْتَرَكًا فَقَطْ؟ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الجَمْعَ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ لَا عَلَى وَقْتٍ خَاصٍّ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَاسَ الِاشْتِرَاكَ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ التَّوْسِعَةِ أَعْنِي: أَنَّهُ لَمَّا كانَ لِوَقْتِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ المُوَسَّعِ وَقْتَان، وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ وَوَقْتٌ خَاصٌّ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ، وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوَافِقُهُ عَلَى اشْتِرَاكِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ فِي وَقْتِ التَّوْسِعَةِ، فَخِلَافُهُمَا فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ إِنَّمَا يَنْبَنِي -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي تِلْكَ الأُولَى "فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ بَيِّنٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

قاس الإمام مالك هنا الاشتراك في آخر الوقت بين الظهر والعصر، على الاشتراك في وقت واحد يؤدى فيه أربع ركعات، إما الظهر أو العصر، وهو أن يصير ظل كل شيء مثله.

وقصد بالأولى في قوله: "على اختلافهم في تلك الأولى": الوقت الذي يمكن أن تؤدى فيه إحدى الصلاتين معًا في وقتها ألا وهو حين يصير ظل كل شيء مثله كما ذكر المؤلف.

قوله: (المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا هَذِهِ الأَوْقَاتُ: أَعْنِي أَوْقَاتَ الضَّرُورَةِ، فَاتَّفَقُوا (١) عَلَى أَنَّهَا لِأَرْبَعٍ: لِلْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ أَوْ تَحِيضُ فِي هَذِهِ الأوْقَاتِ وَهِيَ لَمْ تُصَلِّ).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (١/ ٢٣٣) حيث قال: "الحائض إذا طهرت في آخر وقت الظهر أو المسافر إذا أقام، أو الصبي إذا بلغ، أو الكافر أسلم، أو المجنون أو المغمى عليه آفاق؛ فعليهم صلاة الظهر ويصلي المقيم أربعًا". مذهب المالكية، يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (١/ ١٨٧) حيث قال: "ويشترك الظهر والعصر إلى الغروب، والمغرب والعشاء إلى طلوع الفجر لأهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>