للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا بلال" (١)، بل إن الصحابة رضوان الله عليهم، - بل المسلمون الذين جاؤوا من بعدهم - من أول أعمالهم عندما يفتحون مصرًا، أو ينزلون بلدًا؛ يخططون لإقامة المسجد.

ولقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول أعماله أن بنى المسجد في المدينة الطاهرة، وكذلك نجد أنه - صلى الله عليه وسلم - بنى مسجد قباء، وقال أيضًا: "مَن بنى لله مسجدًا، ولو كمفْحَص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة" (٢)، وما أعظم أن تقام الصلوات في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ولقد كانت المساجد ملتقًى للمسلمين. وفي أبواب صلاة الجماعة - إن شاء الله - سنبين ما في صلاة الجماعة من أحكام، وما فيها من فوائد تؤدي إلى جمع كلمة المسلمين، والتفاف صفوفهم، وانتظامهم، وخضوعهم لله -سبحانه وتعالى-، وخشوعهم في كل أحوالهم إلى جانب أنها عبادة فيها التزام وطاعة لله -سبحانه وتعالى-.

* تنبيه:

يوجد خلافٌ بين الفقهاء في مسائل الفائتة، وهذا الخلاف قد يمتد ويشعب، وربما يقصر، ويضيق، وكل هؤلاء العلماء بلا شك كان يروم الوصول إلى الحق من أقرب طريق، وأهدى سبيل فيما قاله -سبحانه وتعالى-، وفيما قاله رسوله -سبحانه وتعالى-، وكلهم يسعى إلى اقتفاء آثار الصحابة رضوان الله عليهم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نبَّهنا وأمرنا أن نقتدي بالصحابة الكرام، ولذلك نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الله الله في أصحابي، فلو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" (٣) (٤)، ولذلك نبَّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "اقتدوا


(١) أخرجه أبو داود (٤٩٦٤)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٤٧٠٣).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٧٣٨)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦١٢٨).
(٣) "مد أحدهم ولا نصيفه"، أي: لو أنفق أحدكم ما في الأرض ما بلغ مثل مدٍّ يتصدق به أحدهم أو يُنفقه ولا مثل نصفه، والعرب تسمي النصف. انظر: "غريب الحديث" للقاسم بن سلام (١٦٤١٢).
(٤) أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>