للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يدور في خاطر عمر، وزاد على ذلك ووفَّى"، يتقدم أبو بكر؛ فيقول: "بايعوا عمر ثم يتقدم عمر فيقول: "فلنبايعك، لقد ارتضاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمر ديننا؛ أفلا نرتضيك لأمر دنيانا؟! "، والحديث طويل، وهو في صحيح البخاري (١)، وغيره (٢).

ثم يأتي بعد ذلك أمر آخر وهو: ما حصل من ارتداد بعض أحياء العرب، وما حصل من قتال لمانعي الزكاة؛ فهناك مَن ارتد عن عقيدة التوحيد كمسيلمة الكذاب، وطلحة، وأمثال هؤلاء، ثم بعد ذلك منع أناس الزكاة؛ إذ قالوا: "أطعنا رسول الله؛ إذ كان بيننا فيا عجبًا ما بال دين أبي بكر؟! "، ثم بعد ذلك يقف أبو بكر الذي عرف بحلمه، وبرقة جانبه يقف شديدًا أقوى من عمر في ذلك الموقف ويقول: "والله لأقاتلن مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة، والله، لو منعوني عناقًا" (٣)، - وفي بعض الروايات -: "عقالًا (٤) (٥) كانوا يؤدونه إلى الرسول لقاتلتهم عليه" (٦)، ويظل النقاش بينه وبين عمر فينتهي بعد ذلك عمر إلى قول أبي بكر، لأن عمر - رضي الله عنه - أدرك أن الحق مع أبي بكر وأن الحق ضالة المؤمن، وهو الذي كان يوصي أبا موسى في خطابه العظيم في كتابه المشهور الذي


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٨) وفيه: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلامًا قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس … الحديث".
(٢) أخرجه أحمد (٣٩١)، و"صحيح ابن حبان" (٢/ ١٤٥).
(٣) "العناق": الأنثى من المعز التي لم تستكمل سنه، وجمعها عنوق. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ١٩٣).
(٤) "العقال ": الحبل الذي يعقل به البعير الذي كان يؤخذ في الصدقة؛ لأن على صاحبها التسليم. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٣/ ٢٨٠).
(٥) أخرجه البخاري (٧٢٨٤)، ومسلم (٣٢).
(٦) أخرجه البخاري (١٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>