الحديث هنا يتعلق بمسألة مهمةٍ، ألا وهي غَسْلُ اليدين قبل إدخالهما في الإناء.
أولًا: أخَذنا النية التي هي عَقْد العزم، ثمَّ بعد ذلك انتقلنا إلى التسمية، والآن نبدأ في الشُّرُوع في الوضوء، ولا شَكَّ أن المدخلَ إلى هذَا الوضوء من الناحية العملية لا القولية إنما هو غَسْل اليدين، فنَحْن أخَذنا ما يتعلق بالناحية القولية (النية)، وَهي عَزْم القَلب، وإنْ كنَّا لا نرى أن يُصرح بها، ثمَّ يأتي بعد ذلك التسمية.
وَهُنَا الحَديثُ عن غسل اليَدَين قبل إدْخَالهما في الإناء، فأَكْثَرُ العُلَماءِ يَذْهبون إلى أنَّ غسلَ اليدين قبل إدْخَالِهِما في الإناء إنَّما هو مُسْتحبُّ، أَيْ: سُنَّة، وهَذَا هو مَذْهب جَمَاهير العُلَماء كما ذكَر المؤلف، ومن هؤلاء الحنفية والمالكية.
ملحوظة: ليس شرطًا عندما نقول: هذا مذهب المالكية أو الحنابلة أو الشافعية … أنه لا يوجد قولٌ آخر في المذهب، فلو أننا أردنا أن نتتبع الأقوال أو الروايات والأوجه لمَا استطعنا، لكنَّنا دائمًا نأخذ بمُجْمل المذهب، أو المشهور في المذهب.
إذًا، الأئمَّة أبو حنيفَة ومالك والشافعي، وهي إحدى الروايتين أيضًا عن الإمام أحمد، يَذْهبون إلى أن غسلَ اليدين قبل إدْخَالهما في الإناء إنما هو سُنَّة، هذا هو القول الأول، وهو القول المشهور، ولا يلزم من أن يكون القول مشهورًا أن يكون هو الصحيح كما قلنا، فلا يلزم أن يكون الحقُّ مع الكثرة، كذلك أيضًا لا يلزم أن يكون القول المشهور هو الصحيح، قد يكون القول المشهور في المذهب وهو غير صحيحٍ، مثلًا: