للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المدينة أيضًا أذن فاهتزت قلوب الناس لتذكرهم أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١). قال الله -سبحانه وتعالى-: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]، فقيمة المرء بلا شك إنما تكون بتقوى الله -سبحانه وتعالى-، ولذلك نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "تنكح المرأة لأربع، لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ويمينك" (٢).

إذن لا شك أن الدين مقدَّم على غيره، فقد ينكح الإنسان امرأة لجمالها، أو لأنها صاحبة مال؛ أو صاحبة حسب ونسب ووجاهة لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرشد إلى الأمر الذي ينبغي أن يفعله المؤمن: "فاظفر بذات الدين"؛ لأن السعادة تكون بها، والاطمئنان.

والإسلام إنما يضع قيمة الإنسان ويحددها بتقوى الله -سبحانه وتعالى-، وهكذا رأينا مكانة بلال عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك صهيب الرومي، وسلمان الفارسي عندما قال - صلى الله عليه وسلم -: "سلمان منا آل البيت" (٣)، وظلت قيمتهم في المجتمع الإسلامي إلى يومنا هذا عند كل من يدرك قيمة المسلم.


= يسأل لهم بلالًا يؤذن لهم، فسأله؛ فأذن لهم يومًا أو قالوا: صلاة واحدة، قالوا: فلَم ير يومًا كان أكثر باكيًا منهم يومئذ حين سمعوا صوته ذكرًا منهم لرسول الله.
(١) ذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (٣/ ٢١٧) أن: بلالًا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه وهو يقول: "ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني؟ ". فانتبه حزينًا، وركب راحلته، وقصد المدينة، فأتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يبكي عنده، ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يضمهما، ويقبلهما. فقالا له: يا بلال! نشتهي أن نسمع أذانك. ففعل، وعلا السطح، ووقف. فلما أن قال: الله أكبر، الله أكبر، ارتجت المدينة. فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ازداد رجتها. فلما قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، خرجت العواتق من خدورهن. وقالوا: بعث رسول الله. فما رؤي يوم أكثر باكيًا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك اليوم. وقال بعده: "إسناده لين، وهو منكر".
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦).
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٦/ ٢٦١)، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٣٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>