للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَوْل الثَّانِي: أنَّ ذلكَ وَاجبٌ على القائم من النوم مطلقًا، سواء كان نوم ليل أو نوم نهار، وهو قول داود الظاهري، بَلْ هو مذهب الظاهريَّة.

القَوْل الثَّالث: أنه يجب على المنتبه من نوم الليل دون غيره.

وكلُّ اختلَاف العُلَماء يَدُور حول الحديث الذي أورَده المؤلف بجميع رواياته، فإنَّه في هذا الحديث المتفق عليه، وهناك رواياتٌ قد ينفرد بها مسلمٌ أو غيره: " إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الإِنَاءَ ". فيِ بعض الرِّوايات: " ثَلَاثًا "، وَفِي بَعْضها: " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "، وَفِي لفظة " ثَلَاثَا "، و" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " نكتة فقهية، فَالنَّجَاسَة في هذا المقام ليست النجاسة التي نُسمِّيها الخبث، لكن النجاسة هنا إنما هي نجاسة معنويةٌ، لا نشاهدها، فيقولون: إذا جاء العدد في نجاسةٍ غير عينيةٍ، فإنه يشير إلى أن هذا الحكمَ غير واجبٍ، وإنما هو مندوبٌ .. هذا رأيٌ لبعض العلماء استنبطوه من عدة أحاديث، ومنها هذا الحَديث.

إذًا، الخلاف - كما قلنا - يدور حول هذا الحديث: " فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا الإِنَاءَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ "، وَهَذا هُوَ سِرُّ الخلَاف، هذه جملةٌ نُسَمِّيها في النحو جملةً تعليليةً، وهي التي عُلِّل بها الحكم، " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ".

إذًا، الحُكْمُ هو الأَمْرُ بالغسل، وعندنا علَّة الحكم، هِيَ: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ".

جَاءَ في رواية مُسْلمٍ: " فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدهُ "، فاجتمع في هذا الحديث شيئان:

١ - أمر: " فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ".

٢ - ونهيٌ " فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ " (١)، وهُمَا متمسَّك الذين قالوا بأن غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء واجب، ثم انقسموا إلى قسمين:


(١) مسلم حديث (٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>