للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذان، ولذلك اشترط العلماء في المؤذن أن يكون أمينًا - أي: على الوقت - وأن يكون أيضًا عالمًا بالأوقات، والعمل يجوز أخذ الأجرة عليه قياسًا على أخذ الرزدتى، فما دام أنه يجوز للإمام أن يعطي مَن يقوم بالقربات من بيت المال بأن يضع له نفقة محددة، فكذلك يجوز أخذ الأجرة على فعل القربات.

وقد قال أهل العلم: لو وُجِد متبرع لأداء تلك المهمة؛ فلا ينبغي أن يؤتى بإنسان يأخذ عليها أجرةً، ولذلك نقول: مَن يتبرع يكون أولى، وسيجد في ذلك ثوابًا عظيمًا عند الله تبارك وتعالى، وأما لو أخذ أجرة فلا يظهر لنا حقيقة عدم جواز ذلك، وقد سبق وذكرنا في الأبواب السابقة حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أعظم ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" (١)، وكذلك قصة الذين أخذوا الأجرة على الرقية لما مروا بقوم فاستضافوهم ولم يقدموا لهم حقَّ الضيافة، فلُدِغ لهم لديغٍ فأبوا أن يرقوه ويقرؤوا عليه إلا أن يقدموا لهم شيئًا، فقدموا لهم مقابلًا لتلك الرقية، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقرهم عليه (٢).

لكنننا نذكر دائمًا أنَّ كل فعل من أفعال القرب إذا ما تقدم به الإنسان إلى الله -سبحانه وتعالى- وأراد به ثواب الآخرة خالصة فهو أولى وأحسن.

• قوله: (فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الرَّجُلَيْنِ يُؤَذِّنُ أَحَدُهُمَا وَيُقِيمُ الآخَرُ، فَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الَأمْصَارِ عَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ).

وهذا غريب من المصنف؛ إذ ما وجدت أحدًا قال: لا يجوز أبدًا، وإنما هناك من قال بالاستحباب، ومن قال بالجواز، وكلهم متفقون على الجواز.


(١) أخرجه البخاري (٥٧٣٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٠١) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>