للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفصيل الخلاف أن الحنفية والمالكية يقولون: الأمر سيان، والشافعية والحنابلة يقولون: يستحب أن يكون المقيم هو المؤذن (١).

• قوله: (وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا حَدِيثَانِ مُتَعَارِضَان، أَحَدُهُمَا حَدِيثُ الصُّدَائِيِّ، قَالَ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كلانَ أَوَانُ الصُّبْحِ، أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَجَاءَ بِلَالٌ لِيُقِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ أَخَا صُدَاءَ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ" (٢)).

وهذا أيضًا فيه كلام للعلماء، فهناك من صححه وهناك من لم يصحِّحْه (٣)، وفيه دلالة على أنه يستحب للمؤذن أن يقيم الصلاة بنفسه.

• قوله: (وَالحَدِيثُ الثَّانِي: مَا رُوِيَ "أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ حِينَ أُرِيَ الأَذَانَ، أَمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ اللهِ فَأَقَامَ" (٤)، فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ النَّسْخِ قَالَ: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ مُتَقَدِّمٌ، وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ مُتَأَخِّرٌ. وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ قَالَ: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ أَثْبَتُ، لِأَنَّ حَدِيثَ الصُّدَائِيِّ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ، وَليْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ).

حقيقةً: لم يبحث العلماء هذا البحث ولا عنوا بالنسخ ولا غيره، فالقضية قضية جواز واستحباب، والمسألة جائزة عند الكل كما سبق وبيَّنا.


(١) سبق بيانه.
(٢) أخرجه أبو داود (٥١٤)، وغيره، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٨٣).
(٣) ممن ضعَّفه الترمذي في "سننه" (١/ ٣٨٤) حيث قال: "والإفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الإفريقي".
(٤) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤٢)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٤٥٤) بهذا اللفظ، وهو عند أبي داود (٥١٢) وفيه: " … أنا رأيته وأنا كنت أريده، قال: "فأقم أنت""، وضعفه الألباني، وقد سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>