للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيت المقدس، ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يوجه إلى الكعبة (١)، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤]، فتوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس، وهم اليهود: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ١٤٢] فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، ثم خرج بعدما صلى، فمرَّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: هو يشهد: أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرف القوم، حتى توجهوا نحو الكعبة.

- حديث ابن عمر - رضي الله عنه - وفيه: قال: بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزِلَ عليه الليلة، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة" (٢).

وذكر غير واحد من المفسِّرين أن تحويل القبلة نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد صلى ركعتين من الظهر وذلك في مسجد بني سلمة المعروف بمسجد القبلتين، وأنهم كانوا في الركوع فلما جاءهم الشاهد وأخبرهم تحوَّلُوا.

كما يشار إلى أن مسألة تحويل القبلة تنبني عليها أحكام كثيرة، ومن أهمِّها حكم قبول خبر الواحد وروايته.

الثالثة: الآية التي يستدلّ بها العلماء على نسخ القبلة، وهي قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: ١٤٤] مع أنها متأخرة في النسق عن قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)} [البقرة: ١٤٢] إلا أنها متقدِّمة في النزول عليها،


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٤٠٣)، ومسلم (٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>