للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقبل الكعبة في آخر ركن من أركانها وكان بعض بدنه قد خرج عن الكعبة، فأكثر العلماء على بطلان صلاته (١)؛ لأن بعض بدنه ليس إلى القبلة، والمطلوب في حالة المعاينة إنما هو الاتجاه إلى عين القبلة.

إلا أن بعض العلماء يفصل في حال المعاينة بين حالة القرب والبعد من الكعبة، فإذا كانوا قريبين منها فلا بدَّ مع امتداد الصفوف أن تقوس حولها، وإن تباعدوا فلا مانع أن تمتدَّ الصفوف (٢).

قوله: (وَأَمَّا إِذَا غَابَتِ الكَعْبَةُ عَنِ الأَبْصَارِ، فَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: هَلِ الفَرْضُ هُوَ العَيْنُ أَوِ الجِهَةُ؟ وَالثَّانِي: هَلْ فَرْضُهُ الإِصَابَةُ أَوْ الِاجْتِهَادُ: أَعْنِي إِصَابَةَ الجِهَةِ أَوِ العَيْنِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ العَيْنَ؟).

إن غياب الكعبة عن الأبصار لا يختص بمن كان بعيدًا عنها، بل يعمُّ كل مَن تعذَّر عليه مشاهدتها ببصره وإن كان قريبًا منها، لكن لو وجد حائل طارئ كجدار أو نحوه فاعتبار ذلك حائلًا وأن حكم هذا الإنسان في حكم غير المعاين فيه خلاف بين العلماء (٣).


= محاربًا أو خائفًا، وواجب على المرء استقبال الكعبة إذا كان على التوجه قادرًا، فإن كان شاهدًا للكعبة صلى إليها من طريق المشاهدة، وإن كان عنها غائبًا استدل عليها، بالدلائل التي نصبها الله تعالى لها كالشمس والقمر والنجوم والرياح والجبال وغير ذلك، ولا تنازع بين أهل العلم في ذلك".
(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرُّعيني (١/ ٥٠٨) حيث قال: "قوله استقبال عين الكعبة يريد بجميع بدنه فلو خرج عضو منه عن الكعبة بطلت صلاته نقله ابن المعلى في مناسكه في الفصل الثاني في كيفية الإحرام وبيان المناسك ناقلًا له عن القرافي".
(٢) يُنظر: "الفروق للقرافي" (٢/ ١٥٧) حيث قال: "الصف الطويل بقرب الكعبة يصلون دائرة أو قوسًا إن قصروا عن الدائرة، وفي البعد يصلون خطًّا مستقيمًا"، ويُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني (١/ ٥٠٨).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (١/ ٣٠٠) حيث قال: "مَن كان بينه وبين الكعبة حائل الأصح أنه كالغائب، ولو كان الحائل أصليًّا كالجبل كان له أن يجتهد، والأولى أن يصعده ليصل إلى اليقين".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٣٦) حيث قال: "ولو حال =

<<  <  ج: ص:  >  >>