للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما اختلفوا في حال غياب الكعبة عن الأبصار: هل المصلي مطالب بأن يصيب عين الكعبة أو جهتها فقط؟

ثم هل الواجب في حقِّه هو الاجتهاد فقط في التوجه إلى عين الكعبة أو جهتها؟ أم يجب عليه أن يصيب عينها أو جهتها؟

وليس المقصود بالمجتهد هنا مَن حاز آلة الاجتهاد الفقهي، بل المقصود مَن له علم بالأدلة التي تعرف بها القبلة كحركة الشمس والقمر وهبوب الرياح وجهة القطب الشمالي وغير ذلك، فإذا وُجِد من هذا وصفه وجب عليه أن يجتهد في معرفة القبلة، وأما غيره فالواجب عليه تقليد المجتهد، لكن إن وُجِد اثنان أحدهما أوثق من الآخر في دينه ورأيه وإدراكه فالواجب متابعة الأوثق؛ لأنه الأحوط.

قوله: (فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الفَرْضَ هُوَ العَيْنُ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ الجِهَةُ).

المقصود بالقوم: الشافعية (١)، فالرواية الصحيحة عندهم أن الفرض هو التوجه إلى عين الكعبة، أما مذهب الأئمة (أبي حنيفة ومالك وأحمد)، أن الفرض هو الجهة وليست العين (٢)، وهي كذلك رواية مشهورة عن الإمام الشافعي.


= بين الحاضر بمكة وبين الكعبة حائل خلقي كجبل أو حادث كبناء جاز له أن يجتهد للمشقة في تكليف المعاينة كما ذكره في التحقيق، ومحله إذا كان لحاجة، فإن بنى حائلًا منع المشاهدة بلا حاجة لم تصحَّ صلاته بالاجتهاد لتفريطه".
(١) يُنظر: "المنهاج القويم" لابن حجر الهيتمي (ص ١١٦) حيث قال: "استقبال عين القبلة، أي: الكعبة فلا يكفي التوجه لجهتها".
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (١/ ٢٦٩) حيث قال: "مَن كان بمكة ففرضه إصابة عينها، ومَن كان غائبًا ففرضه إصابة جهتها هو الصحيح؛ لأن التكليف بحسب الوسع".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ٢٥٦) حيث قال: "ومع الأمن استقبال عين الكعبة لمن بمكة، فإن شقَّ ففي الاجتهاد نظر (ش)، أي: وشرط لفرض ونفل مع الأمن من عدو ونحوه ومع القدرة مسامتة بناء ذات الكعبة تيقنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>