للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] مَحْذُوفٌ حَتَّى يَكُونَ تَقْدِير: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ جِهَةَ شَطْرِ المَسْجِدِ الحَرَامِ؟ أَمْ لَيْسَ هَاهُنَا مَحْذُوفٌ أَصْلًا، وَأَنَّ الكَلَامَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟ فَمَنْ قَدَّرَ هُنَالِكَ مَحْذُوفًا قَالَ: الفَرْضُ الجِهَةُ، وَمَنْ لَمْ يُقَدِّرْ هُنَالِكَ مَحْذُوفًا قَالَ: الفَرْضُ العَيْنُ، وَالوَاجِبُ حَمْلُ الكَلَامِ عَلَى الحَقِيقَةِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى المَجَازِ).

ما ذكره المؤلف من سبب الخلافِ لم أقفْ عليه، ولعلَّ بعض المفسرين قد ذكره.

أمَّا الشافعية فاستدلُّوا على ما ذهبوا إليه بما يلي:

الأول: قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] ثم قال بعده: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، فسوَّى بين الأول والثالث.

الثاني: حديث ابن عباس عن أسامة - رضي الله عنهما - المتفق عليه: أن


= بجميع بدنه لمن هو بمكة اتفاقًا ولا يكفي الاجتهاد ولا جهتها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع عن متن الإقناع" للبهوتي (٣٠٥/ ١) حيث قال: " (و) الفرض في القبلة (إصابة الجهة بالاجتهاد، ويعفى عن الانحراف قليلًا".
أمَّا عن مذهب الشافعية، يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (١/ ٤٤٨) حيث قال: "وليست المسألة على قولين، بل هي على اختلاف حالين، فالموضع الذي قال: فرضه اليقين إذا كان الحائل دونها حادثًا كالبناء والسترة، ولا يجوز الاجتهاد، بل ينتقل إلى حيث يرى البيت ويصلي إليها على اليقين. والموضع الذي قال: فرضه الاجتهاد إذا كان الحائل دونها من خلقة الأصل كالجبال والتلول ونحوها، فالحاصل من هذا: أنه إذا كان بالبُعد من مكة ففرضه الاجتهاد، وإن كان بالقرب منها يُنظر، فإن كان الحائل من خلقة الأصل، ففرضه الاجتهاد، وإن كان الحائل حادثًا، ففرضه الإحاطة".

<<  <  ج: ص:  >  >>