للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- لو أنَّ رجلين قاما إلى الصلاة على خطٍّ متساوٍ، أحدهما في أقصى طرف، والآخر في أقصى الطرف الآخر، وكانت اتجاههم إلى جهة القبلة لكان صلاتهما معًا صحيحة، فدلَّ ذلك على أن المطلوب إنما هي الجهة وليست العين.

أما قوله: (محذوف حتى يكون تقديره إلخ) فهذه المسألة مبنية على وجود المجاز في القرآن، والصحيح: أنه لا مجاز في القرآن، ثم إنه لا حاجة لتقدير محذوف في الآية إذا كان العلماء قد فسَّروا الشطر بالجهة، والمقرر في علم الأصول: أن حمل الكلام على حقيقته أولى، لأنه الأصل عند الإطلاق (١).

قوله: (وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى تَقْدِيرِ هَذَا المَحْذُوفِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبْلَة إِذَا تَوَجَّهَ نَحْوَ البَيْتِ").

هذا الحديثُ أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي، وقال عنه الترمذي:


= مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٢٢٤) حيث قال: "وأيضًا يلزم على ذلك عدم صحة صلاة الصف الطويل؛ فإن الكعبة طولها من الأرض للسماء سبعة وعشرون ذراعًا، وعرضها عشرون ذراعًا، والإجماع على خلافه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٤٩١) حيث قال: "ولو وقف صف طويل في آخر المسجد بلا استدارة حول الكعبة جاز على ما جزم به الشيخان".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ١٧١) حيث قال: "ولانعقاد الإجماع على صحة صلاة الاثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة، وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خطٍّ مستوٍ لا يقال: مع البُعد يتسع المحاذي؛ لأنه إنما يتسع مع التقوس، لا مع عدمه".
(١) يُنظر: "الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (١/ ٢١٣) حيث قال: "باب القول في الحقيقة والمجاز كل كلام مفيد؛ فإنه ينقسم إلى حقيقة ومجاز: فأما الحقيقة، فهو الأصل في اللغة"، ويُنظر: "منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز" للشنقيطي -رحمه الله - فقد ناقش هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>