للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنه حديث حسن صحيح" (١)، إلا أن العلماء حكموا عليه بالضعف (٢)، والحاصل: أن الحديث شاهد للآية.

قوله: (قَالُوا: وَاتِّفَاقُ المُسْلِمِينَ عَلَى الصَّفِّ الطَّوِيلِ خَارِجَ الكَعْبَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الفَرْضَ لَيْسَ هُوَ العَيْنَ، أَعْنِي: إِذَا لَمْ تَكُنِ الكَعْبَةُ مُبْصَرَةً).

وهذا من أدلة الجمهور على أن الفرض استقبال الجهة وهو حجة على الشافعية؛ إذ الجميع متفقون على صحَّة صلاة الصف الطويل، ولو كان الفرض عين الكعبة لما صحَّت صلاتهم، ولا يمكن أن يقال: إنهم أصابوا عين الكعبة كلهم (٣).

قوله: (وَالَّذِي أَقُولُهُ: إِنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا قَصْدُ العَيْنِ، لَكَانَ حَرَجًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]).

هذا بيانٌ من المؤلِّف لرأيه وهو مذهب الجمهور، والأمر كما قال؛ إذ لو كانت إصابة العين مطلوبة لكان في ذلك حرج ومشقة، وذلك أمر نفته النصوص الشرعية والقواعد الكلية، يقول -سبحانه وتعالى-: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧]، ويقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، ويقول - عز وجل -: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ


(١) أخرجه الترمذي (٣٤٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال: "حديث حسن صحيح"، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٣٢٣) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٤) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٩٢).
(٢) ممن ضعفه النسائي يُنظر: "السنن" (٤/ ١٧١) حيث قال: "وأبو معشر المدني اسمه نجيح وهو ضعيف، ومع ضعفه أيضًا كان قد اختلط عنده أحاديث مناكير، منها محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".
(٣) سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>