للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية (١).

وعلينا التنبيه هنا بأنه لا يُفهم من كلمة زعم بأنها للذَّمِّ؛ لأنها تأتي بمعنى ظنَّ أو بمعنى حسب أو رأى (٢).

قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُعِيدُ، وَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ، أَوْ صَلَّى بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا اسْتَحَبَّ لَهُ الإِعَادَةَ فِي الوَقْتِ).

وجماهير العلماء على ذلك، ومنهم الإمام أحمد (٣)، وزاد مالك أنه يستحب له أن يعيد في الوقت (٤)، لكن الذي يتعمَّد ويتلاعب في الصلاة كأن يتساهل في الطهارة أو في القبلة، فهذا لا يدخل في مسألتنا.

فلو أتى إنسان مثلًا في الحضر فصلَّى في بيته إلى أيِّ جهة دون التأكُّدِ من مكان القبلة، فهذا لا يعذر، لأن القبلة غالبًا تكون معروفة، والمساجد موجودة وفي إمكانه أن يسألَ غيره، لكن الكلام عمَّن اجتهد وبدل الوسع والطاقة وسأل غيره فصلَّى ثم تبيَّن خطأه، أو أنه أخطأ في بعض الصلاة فنُبِّه؛ وهذا هو الذي يُنزل فيه الحديث.


= فرض (من بعد) عن الكعبة ومسجده - صلى الله عليه وسلم - (هو من لم يقدر على المعاينة) كذلك و (لا) يقدر (على من يخبره) باليقين (عن علم إصابة الجهة)، أي: جهة الكعبة".
(١) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ٤٣٧) حيث قال: "ولو خرج عن محاذاة الكعبة ببعض بدنه بأن وقف بطرفها وخرج عنه بعضه بطلت صلاته".
(٢) "في الزعم ثلاث لغات: فتح الزاي للحجاز، وضمها لأسد، وكسرها لبعض قيس، ويطلق بمعنى: القول، ومنه زعمت الحنفية وزعم سيبويه، أي: قال، وعليه قوله تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ} [الإسراء: ٩٢]، أي: كما أخبرت، ويطلق على الظن، يقال: في زعمي كذا" يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (١/ ٢٥٣).
(٣) سبق بيانه.
(٤) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (١/ ٢٢٧) حيث قال: " (و) إن تبين الخطأ (بعدها)، أي: بعد الفراغ من الصلاة (أعاد) ندبًا من يقطع أن لو اطلع عليه فيها وهو البصير المنحرف كثيرًا (في الوقت").

<<  <  ج: ص:  >  >>