للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا مِيقَاتُ وَقْتٍ، وَهَذَا مِيقَاتُ جِهَةٍ).

أي: أنَّ هذا ميقات وقت، وهو ظرف زمان، وذاك ظرف مكان فالتقيا من هذه الناحية.

قوله: (وَأَمَّا الأَثَرُ، فَحَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فِي سَفَرٍ فَخَفِيَتْ عَلَيْنَا القِبْلَةُ، فَصَلَّى كل وَاحِدٍ مِنَّا إِلَى وَجْهٍ، وَعَلَّمْنَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، فَإِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "مَضَتْ صَلَاتُكُمْ وَنَزَلَتْ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] " (١)، وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ هَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةً، وَتَكُونُ فِيمَنْ صَلَّى فَانْكَشَفَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ القِبْلَةِ، وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٩]، فَمَنْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ هَذَا الأَثَرُ، قَاسَ مِيقَاتَ الجِهَةِ عَلَى مِيقَاتِ الزَّمَانِ، وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الأَثَرِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ).

في هذه الرواية قال: "ليلة ظلماء"، وفي بعضها: "مظلمة" (٢)، والحديث تقدم فيه كلام للعلماء والمؤلف قد أشار إليه.

ومن هذا الحديث أخذ العلماء على أنه إذا وجد عدد من المجتهدين فليس لأحدهم أن يقلِّد الآخر ما دام ليست له مزايا يختص بها، وعلى كلٍّ


= أرجو لمن صلى العصر قبل القامة، والعشاء قبل الشفق أن يكون قد صلى، وإن كان لغير عذر، وقد يصليها المسافر عند رحلته والحاج بعرفة".
(١) أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢/ ٤٦٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٨)، وحسنه الألباني بشواهده في "إرواء الغليل" (٢٩١).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٤٥)، وحسنه الألباني بشواهده في "إرواء الغليل" (٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>