للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسِب إلى ابن جرير المفسر العالم المشهور الذي قال عنه الفقهاء: إن باب الاجتهاد أغلق به، وإن كانت هذه الدعوة غير مسلمة، وقد سبق أن نبَّهنا عليها وقلنا: إن الاجتهاد لا ينتهي في وقت؛ لأن الحوادث تجِد والنوازل تتكرر، والمسلمون لا يزالون بحاجة إلى الاجتهاد، وكتاب الله - عز وجل - لا يزال بين أيدينا غضًّا طريًّا، وكذلك سُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الحاجة تقتضي ذلك، لكن هناك أسباب ذكرها أهل الأصول والذين كتبوا في تاريخ التشريع.

فابن جرير (١) ومعه أصبغ أيضًا من المالكية (٢)، وبعض الظاهرية (٣)، وحُكِي أيضًا عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنهم قالوا: لا تُصلَّى صلاة داخل الكعبة، ولا فرق بين النفل وبين الفرض (٤)، ودليل هؤلاء قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، وقالوا: مَن يصلِّي داخل الكعبة إنما يصلِّي إلى حائط من حيطانها لا إلى جهة الكعبة، فلا ينبغي أن يصلي داخل الكعبة.

وفريق آخر أجازوا ذلك مطلقًا وهم كما ذكر المؤلف: الحنفية (٥)، والشافعية (٦) وهؤلاء استدلُّوا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في حديث عبد الله بن


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٢/ ٢٠٦) حيث قال: "قال ابن عمر: لا يصلي في الكعبة فرضًا، ولا نفلًا وبه قال ابن جرير الطبري".
(٢) يُنظر: "اختلاف الأئمة العلماء" لابن هبيرة (١/ ١٠٠) حيث قال: "وعن مالك روايتان المشهورة منهما كمذهب أحمد، وهو أنه لا تصح بحال وهي رواية أصبغ".
(٣) يُنظر: "المجموع" للنووي (٣/ ١٩٤ - ١٩٥) حيث قال: "لا يجوز الفرض ولا النفل، وبه قال أصبغ بن الفرج المالكي وجماعة من الظاهرية".
(٤) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (١/ ٢٣٤) حيث قال: "روي عن ابن عباس أنه قال: إنما أمر الناس أن يصلوا إلى الكعبة ولم يؤمروا أن يصلوا فيها".
(٥) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٢/ ٢٥٤) حيث قال: "يصحّ فرض ونفل فيها وفوقها".
(٦) يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (١٤٣١٢) حيث قال: "صلاة الفريضة والنافلة يجوز فعلها داخل الكعبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>