للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر - رضي الله عنه - عن بلال - رضي الله عنه -: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وطلحة وأنه صلى ركعتين (١).

وقالوا: إن هذا يدلُّ على أنه عليه الصلاة والسلام صلى داخلها، ولا فرق بين الفرض والنفل، وفيه زيادة على ما ورد في حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - عن أسامة - رضي الله عنه -، لأن حديث أسامة - رضي الله عنه - فيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة ولم يصلِّ، ثم خرج فوقف قبل الكعبة وصلى ركعتين، وقال: هذه القبلة (٢)، يعني: وقف مواجهًا الكعبة.

وردَّ أصحابُ القول الآخر بأن معنى قوله: لم يصلِّ، أي: لم أره صلى، كما أن حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عن بلال - رضي الله عنه -عبه فيه زيادة، وهي زيادة ثقة ثابتة، وأنه مَن حفظ حجة على من لم يحفظ، ومنه فينبغي الأخذ بهذه الزيادة.

وأما القول الثالث فقال به مالك (٣)، وأحمد (٤)، وقد فرَّقوا بين النفل وبين الفرض فقالوا: إنه ثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى لكنه أيضًا خرج وصلى ركعتين خارج الكعبة، وقال: "هذه الكعبة"، فإن إشارته دليل على أن هذه هي القبلة، واستدلُّوا أيضًا بما استدلَّ به الأولون وهو قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، أي: جهته، وأما النافلة: فمبناها على التخفيف، ولذلك تُصلى النافلة داخل الكعبة، فإنه يجوز أن يصليها المرء قاعدًا أو يصليها على الراحلة في السفر وقد وردت في ذلك أحاديث.


(١) أخرجه البخاري (٥٠٥)، ومسلم (١٣٢٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٨)، ومسلم (١٣٣٠) ولم يذكر البخاري عن أسامة.
(٣) يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد الله بن المواق (٢/ ٢٠٠) حيث قال: "لا يُصلَّى في ولا في الحجر فريضة، ولا ركعتا الطواف الواجب ولا الوتر ولا ركعتا وأما غير ذلك من ركوع الطواف والنوافل فلا بأس به".
(٤) يُنظر: "دقائق أولي النهى" للبهوتي (١/ ١٦٦) حيث قال: "ولا يصح فرض الصلاة في الكعبة ولا على ظهرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>