للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقول: لا شكَّ أن الأحوط للإنسان في هذه المسألة هو أن يصلي إلى الكعبة، وليس داخلها، وخاصة فيما يتعلَّق بالفريضة.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ الآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَالِاحْتِمَالُ المُتَطَرِّقُ لِمَنِ اسْتَقْبَلَ أَحَدَ حِيطَانِهَا مِنْ دَاخِلٍ، هَلْ يُسَمَّى مُسْتَقْبِلًا لِلْبَيْتِ كمَا يُسَمَّى مَنِ اسْتَقْبَلَهُ مِنْ خَارجٍ أَمْ لَا؟ أَمَّا الأَثَرُ، فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَان مُتَعَارِضَان كلَاهُمَا ثَابِتٌ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - البَيْتَ، دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ، رَكَعَ رَكعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الكَعْبَةِ وَقَالَ: هَذِهِ القِبْلَةُ" (١). وَالثَّانِي: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زيدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، وَمَكَثَ فِيهَا، فَسَأَلْتُ بِلَالًا حِينَ خَرَجَ: مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى") (٢).

قد سبق وذكرت أن المؤلف له مصطلح خاص، إذ يقول: الأثر، وأما في زمننا فقد تغير مدلول المصطلح، فإذا قيل: الحديث فهو المرفوع، وأما الأثر: فهو الموقوف على الصحابة - رضي الله عنهم - (٣)، وقد يُطلَق على هذا


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) يُنظر: "توجيه النظر إلى أصول الأثر" لطاهر الجزائري (١/ ٤٠) حيث قال: "الحديث ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام فيختصّ بالمرفوع عند الإطلاق ولا يراد به الموقوف إلا بقرينة، وأما الخبر فإنه أعمُّ؛ لأنه يُطلَق على المرفوع والموقوف فيشمل ما أضيف إلى الصحابة والتابعين وعليه يسمَّى كل حديث خبرًا ولا يسمَّى كل خبر حديثًا، وقد أَطلق بعض العلماء الحديث على المرفوع والموقوف فيكون مرادفًا للخبر وقد خصَّ بعضهم الحديث بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، والخبر بما جاء عن غيره فيكون مباينًا للخبر، وأما الأثر فإنه مرادف للخبر فيطلق على المرفوع =

<<  <  ج: ص:  >  >>