للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذاك، وأمَّا المصنف فيقصد بالأثر هنا الحديث، وحديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - كلاهما متفق عليهما.

والتعارض حاصل في قضية واحدة، حيثُ أن أسامة وبلال - رضي الله عنهما - كلاهما كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبلال ذكر أنه صلى ركعتين، بينما أسامة قال: لم يصل، ومن هنا ورد التعارض، والجواب: أن بلالًا - رضي الله عنه - رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دون صاحبه، ولذلك جاء المؤلف بالرواية التي فيها التفصيل ووصف المكان الذي كان فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ أَوِ النَّسْخِ قَالَ إِمَّا بِمَنْعِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِمَّا بِإِجَازَتِهَا مُطْلَقًا إِنْ رَجَّحَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ).

والنسخ هنا لا مكان له؛ لأن القضية وقعت في وقت واحد ويرويها صحابيان، لكن المسألة مسألة ترجيح كما ذكر، فمن رجَّح حديث بلال - رضي الله عنه - الذي رواه عنه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قالوا: لأن فيه زيادة وزيادة الثقة مقبولة، وقد حفظ ذلك وشاهده، وقول أسامة - رضي الله عنه -: "لم أرَ أنه صلى" (١) فهو يحكي الحالة التي رآها.

قوله: (وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الجَمْعِ بَيْنَهُمَا، حَمَلَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الفَرْضِ، وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى النَّفْلِ، وَالجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِيهِ عُسْرٌ، فَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- خَارجَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ: "هَذِهِ قِبْلَةٌ"، هِيَ نَفْلٌ).

وهذا على رأي المؤلف، وأما الآخرون الذين فرَّقوا بين النفل


= والموقوف، وفقهاء خراسان يسمون الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر"، ويُنظر: "مصطلح الحديث" لابن عثيمين (ص ٥).
(١) أخرجه مسلم (١٣٣٠) وفيه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا دخل البيت، دعا في نواحيه كلها، ولم يصلِّ فيه حتى خرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>