للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرض فقالوا: إن النافلة مبناها على التخفيف واستدلُّوا بقول الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، ورأوا أن الآية تدلُّ على أن المطلوب هو استقبال جهة الكعبة لما ذكره المؤلف هنا.

قوله: (وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ سُقُوطِ الأَثَرِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، فَإِنْ كانَ مِمَّنْ يَقُولُ بِاسْتِصْحَابِ حُكْمِ الإِجْمَاعِ وَالِاتِّفَاقِ، لَمْ يُجِزِ الصَّلَاةَ دَاخِلَ البَيْتِ أَصْلًا).

ومراد المؤلف من قوله: استصحاب حكم الإجماع أن هناك مسألتين:

الأولى: مجمعٌ عليها لورود النصّ، وهو أن القبلة إنما هي الجهة التي هي شرط في صحة الصلوات، وقد عرفنا أن الإنسان يلزمه أن يستقبل عينه إذا كان شاهدها أو كان يوجد حائل يمكن زواله عند بعض العلماء، أما إذا كان بعيدًا عنها فالواجب هي الجهة خلافًا للشافعية (١)، إذن استقبال جهة الكعبة مجمع عليه وليس فيه خلاف.

والثانية: الصلاة داخل الكعبة، وهي محلّ خلاف (٢)، قال: فمن استصحب حكم الإجماع -وهم الأولون- قالوا: إذن نأخذ بما يجمع عليه ونطرخ الباقي.

قوله: (وَإِنْ كانَ مِمَّنْ لَا يَرَى اسْتِصْحَابَ حُكْمِ الإِجْمَاعِ، عَادَ النَّظَرُ فِي انْطِلَاقِ اسْمِ المُسْتَقْبِلِ لِلْبَيْتِ عَلَى مَنْ صَلَّى دَاخِلَ الكَعْبَةِ، فَمَنْ جَوَّزَهُ أَجَازَ الصَّلَاةَ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ -وَهُوَ الأَظْهَرُ- لَمْ يُجِزِ الصَّلَاةَ فِي البَيْتِ).

فالمؤلف في النهاية عاد إلى مذهبي المالكية والحنابلة؛ لأنه قال: ومن لم يجوزه وهو الأظهر.


(١) سبق بيانه.
(٢) سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>