للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَاتَّفَقَ العُلَمَاءُ بِأَجْمَعِهِمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ السُّتْرَةِ بَيْنَ المُصَلِّي وَالقِبْلَةِ إِذَا صَلَّى؛ مُنْفَرِدًا كَانَ أَوْ إِمَامًا (١)، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ، فَلْيُصَلِّ" (٢).

ولا شكَّ أن الإمام نفسه له سترة، أما المأموم فالإمام يحمل عنه، وهذه قضية مهمة لكن يتساهل فيها الكثير من الناس فيمرون بين يدي المصلي، وحكم اتخاذ السترة فيه تفصيل، وذلك حسب الأماكن والأحوال:

أولًا: في الحرم المكي: العلماء في هذه الحالة قالوا يجوز للمصلي ألا يتخذ سترة، واستدلُّوا على ذلك بما يلي:

ما فعله عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - وغيره من السلف؛ فقد كان يصلي دون سترة (٣).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (ص ٣٦٥) حيث قال: " (فصلٌ في اتخاذ السترة ودفع المار بين يدي المصلي إذا ظن)، أي: مريد الصلاة (مروره)، أي: المار (يستحب له)، أي: مريد الصلاة (أن يغرز سترة) ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد الله بن المواق (٢/ ٢٣٣) حيث قال: " (وسترة لإمام وفذ إن خشيا مرورًا) ابن عرفة: سترة المصلي غير مأموم حيث توقع مارًّا. قال عياض: مستحبة. الباجي: مندوبة. وفيل: سنة وفيها لا يصلي حيث يتوقع مرورًا إلا لها".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المنهاج القويم" لابن حجر الهيتمي (ص ١٢٧) حيث قال: "ويستحب لكلِّ مصلِّ أن يصلي إلى شاخص من نحو جدار أو محمود، فإن لم يجد فنحو عصا أو متاع يجمعه".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "دقائق أولي النهى" (١/ ٢١٤) حيث قال: " (و) سن أن تكون (الصلاة إلى سترة) فإن كان في مسجد، أو بيت: صلى إلى حائط، أو سارية، وإن كان في فضاء، صلى إلى سترة بين يديه (مرتفعة) قدر ذراع فأقل".
(٢) أخرجه مسلم (٤٩٩) من حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٧١) عن أبي حماد قال: رأيتُ ابن الزبير "طاف بالبيت، ثم جاء يصلي والطواف بينه وبين القبلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>