إذًا، الأَوْلَى في هذا المقام أن نقولَ بأنه يَنْبغي العناية بغسل اليدين عمومًا، وينبغي أن يتأكد ذلك، ويُقَال بوجوبِهِ عند القيام من النوم، وخاصةً نوم الليل؛ لوجود الحديث القائم في ذلك.
ونحن حَقيقةً في هذا المقام لا نُرجِّح مذهبًا؛ لكَوْننا نميل إليه أو كذا، وستمر بنا مسائل سنُرجِّح فيها مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، لكن هنا في هذا المقام وجدنا أن الأمر مترددٌ، وكونهم يقولون: إن العلةَ هنا مبنيةٌ على الشك غير مقطوعٍ بها، أيضًا نحن نخرج من هذا الشك إلى أمرٍ مقطوعٍ فيه.
ولو أنَّ إنسانًا بعدَ هذه الأقوال غَمسَ يدَه في إناءٍ قبل أن يغسلَها، فَعَلى مَذْهَبِ جمهور العلماء هذا لا يضرُّ، لكن على مذهب الآخرين يُفَصِّلون القَول في ذلك أيضًا، لا نظن أن المسألة فيها إجمالٌ، فالذين يقولون بوُجُوب غسلهما قبل إدخالهما يقولون: إنْ كان المَاءُ كثيرًا، فلا تأثير؛ لأن الرسول - عليه الصَّلاة والسَّلام - قال:" إذا بلَغ المَاءُ قُلَّتين لَمْ يحمل خبثًا "، فإذا كانت النجاسة التي هي أكبر من غسل اليدين لا تؤثر في الماء الكثير، فما بالك بغمس اليدين!
إذًا، إذا كان الماء كثيرًا، فلا يتأثر بالنجاسة، فإن كانت قليلة، فلا يتأثر بها عند الجمهور، ويتأثر بها عند غيرهم.
هل يُرَاق الماء أو لا يُرَاق؟
هذه أيضًا مسألةٌ أُخرى فرعيةٌ، بعضهم يقول: يُرَاق الماء؛ لأنه ورَد في حديثٍ الأمر بإراقته، لكن الحقيقة أن هذا الحديث ضعيفٌ.
إذًا، غَمْسُ اليدِ أو اليدين في الإناء قبل غسلهما في حقِّ القائم من النوم منهيٌّ عنه، أما غَيْر القائمين من النوم، فالعُلَماء مُجْمِعُونَ على أنَّ غَسْلَهما مستحبٌّ، لكن الكلام في القيام من النوم.
فجمهور العلماء يَرَون أن غمسهما لا يؤثر؛ سواءٌ كان الماء قليلًا أو كثيرًا.