للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين قالوا بالوجوب يقولون: يؤثر، بل هو ينجس الماء، بل هناك من قال بأنه لو غمس يديه في الإناء وتوضأ، لبطلت صلاته، وهذا نُقِلَ عن بعض العلماء، منهم إسحاق والحسن.

يَرِدُ سؤالٌ أيضًا: الحديثُ وَرَد فيه: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ".

إذًا: هذَا الحكمُ جاء مقرونًا بعفَته، فـ " لا يدري " هذه كما قلنا كنايةٌ لم يصرح بها، فإذا كان على درايةٍ أين باتت يده، فلو قُدِّر أن إنسانًا - مثلًا - لفَّ يديه في كيسٍ أو في خرقةٍ أو في منديلٍ، فحفظه من أن يقع فيهما أي شيء، واطمأن على أنهما لم يقربا نجاسةً، سواء كانت في الجسم أو في غيره، فهل يتغير الحكم أو لا؟

جُمْهورُ العلَماء يرون استحبابَ غسل اليدين، فلا إشكالَ عندهم، لَكن بالنسبة للفريق الآخر يقول: لا يتغير الحكم؛ لأن قوله: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ "، هو عامٌّ، فلا ينبغي أن نقصرهُ على أمرٍ فيما لو حفظت اليد أو ما حفظت، أصلًا غسل اليَدَين مستحبٌ، فالرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - كان يغسلهما، أو يلازم ذلك، إذن يقولون: هذا لا تأثير له.

لَكن لمَّا تذهب إلى الفريق الآخر كالشافعية - مثلًا - يقولون: لا، إذا حفظ -يعني: لفَّ يديه - تبقى طهارتهما متيقَّنةً، والآخرون يقولون: لا، وإن كانت متيقَّنةً، فالعلة هنا تعبديةٌ، وهنا يأتي السِّرُّ الذي أشار إليه المؤلف رَحِمَهُ اللهُ هنا، فقال: إن من العلماء مَنْ يرى أن في الأمر تعبدًا، وهذا علَّل به بَعْضُ المالكيَّة وبَعْضُ الحنابلة.

مَسْألةٌ أُخرى: لَوْ أنَّ إنسانًا - مثلًا - وجد ماءً في إناءٍ كبيرٍ، أو في صخرةٍ، يعني: هي مدورةٌ معمولةٌ ليجمع فيه الماء، يعني: حوض من الماء لا يستطيع أن يميلَه فيغسل يديه، أو هذه صخرة وسطها الماء، فما الحكم هنا؟ يغمس يديه أم لا؟

هُنَاك مَنْ يمنع ذَلكَ، يَقُولُ: لا يغمس يدَيه في الإناء، قالوا: يأخذ بفمِهِ، فالفم ليس فيه نجاسةٌ، فهو طاهرٌ، والتعليل جاء مرتبطًا باليد " فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>