للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: إن الآية فيها دليل على وجوب ستر العورة على سبيل العموم سواء كان ذلك في الصلاة أو في خارجها.

وبقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].

وقالوا: إن الآية نصٌّ في وجوب ستر العورة في الصلاة؛ لأنهم حملوا الأمر في قوله: (خذوا) على الوجوب، ومما يؤيِّد هذا المعنى ما ورد في سبب نزولها، وهو أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة رجالًا ونساء، لا رغبة في ذلك، بل لأنهم يرون أن الطواف قربة لله سُبحَانهُ وتَعَالى، وأنه لا يصلح لأحدهم أن يطوف في ثياب ارتكب فيها الذنوب، فكانوا إذا طافوا بالبيت ألقوا ثيابهم وطافوا عراة إلا أن تعيرهم الحمس ما يطوفون به، وكانت المرأة إذا أرادت الطواف تقول: من يعيرني تِطْوافًا؟ أي: ثوبًا أو غطاءً، تجعله على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أوكله … وما بدا منه فلا أحله

فنزلت الآية: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.

ثانيًا: من السُّنة:

عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَة - رضي الله عنه - قال: أقبلت بحجر أحمله ثقيلٍ، وعليَّ إزار خفيف، قال: فانحلَّ إزاري ومعي الحجرُ، ولم أستطع أن أضعه حتى بلغت به إلى موضعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارجع إلى ثوبك فخذه، ولا تمشوا عراة" (١). فقوله: "لا تمشوا عراة"، نصٌّ في وجوب ستر العورة.

وعن جرهد بن رِزاح - رضي الله عنه - أنه قال: مرَّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا كاشف فخذي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غطِّها فإنها من العورة" (٢).


(١) أخرجه مسلم (٣٤١) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (١٥٩٧١) واللفظ له، وأبو داود (٤٠١٤)، وغيرهما، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>