للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بعثني أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الحجة التي أمَّره عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل حجّة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر: "لا يحجُّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان" (١).

وأما القائلون بعدم الوجوب فاستدلُّوا بما يلي:

أولًا: من الكتاب:

قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [لأعراف: ٢٦] قالوا: إن هذه الآية وردت مورد الإنعام والتفضل من الله على عباده بأن أنزل عليهم لباسًا يغظَي عوراتهم، ونبَّههم على المنة العظيمة بذلك.

وأجيب عنه: بأن من إنعام الله على عباده أيضًا أن وجههم إلى ستر عوراتهم وأنزل عليهم لباسًا لذلك.

وفي قوله تعالى: {أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ} تأويلان: فيحتمل أن يراد به: خلقنا لكم لباسًا، ويحتمل التدرج، أي: أن الله أنزل المطر فنبت الزرع والكلأ فتغذت منه الأنعام فنبت منه الصوف والوبر وغير ذلك فنتج عنه جميع اللباس.

وقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]، قالوا: إن المراد بالزينة في الآية هي الزينة الظاهرة من الرداء والنعال والطيب، ولذلك حملوا الأمر في قوله: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} على الندب لا على الوجوب.

ثانيًا: من السُّنة:

عن أنس - رضي الله عنه - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حسر عن فخذه كأني أنظر إلى بياض فخذه" (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٦٢٢)، ومسلم (١٣٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٣٧١) واللفظ له، ومسلم (١٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>