للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُدَّ عليه بما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال للحسن بن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما -: "اكشف عن سرتك"، فكشف عنها فقبلها، وقال: "إنما قبلتها لأني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقبِّلُها" (١)، قالوا: فلو كانت السرة من العورة لما قبَّلها أبو هريرة - رضي الله عنه -، ولما مكَّنه الحسن - رضي الله عنه - من أن يقبلها، فد - رضي الله عنه - ذلك على أنها خارجة عن مسمى العورة.

الرابع: أن العورة السوءتان فقط، وهو مذهب الظاهرية (٢)، ورواية عند المالكية (٣).

قَالَ: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَهِيَ حَدُّ العَوْرَةِ مِنَ الرَّجُلِ).

حَدُّ العَوْرة من الرجل: ما بين السُّرة والرُّكبة، وَلَكن العلماء يختلفون في الرُّكبة؟ فبَعْضهم يجعل الركبة من العورة، وهو قول أبي حَنيفَة (٤)، ويَسْتدل بدليل: "الرُّكبة عورةٌ" (٥).

وَبينَّا أنَّ هذا الحَديثَ الذي استدلَّ به ضعيف، وَردَّ الجمهور عليه بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "غطِّ فخذَكَ؛ فإنَّ الفخْذَ عورةٌ" (٦)، ولَمْ يذكر الرُّكبة، فَعَدم ذكره لها دليلٌ على أنها ليست من العورة.


(١) أخرجه ابن حبان (٥٥٩٣) وفيه: "فقال: للحسن بن علي: أرني المكان الذي رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبله منك، فال: فكشف عن سرته، فقبلها"، وضعفه الألباني في "التعليقات الحسان" (٥٥٦٦).
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" (٢/ ٢٤١) حيث قال: "والعورة المفترض سترها على الناظر وفي الصلاة: من الرجل: الذَّكَر وحلقة الدبر فقط".
(٣) يُنظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص ٨٩) حيث قال: "ستر العورة، وفي الرجل: ثلاثة أقوال: السوءتان خاصة، ومن السرة إلى الركبة، والسرة حتى الركبة وقيل: ستر جميع البدن واجب".
(٤) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٢٦)، حيث قال: "والعورة من الرجل: ما تحت السُّرَّة إلى الركبة، والركبة من العورة".
(٥) أخرجه الدارقطني (١/ ٤٣١) بلفظ: "الركبة من العورة"، وقال الأَلْبَانيُّ في "الثمر المستطاب" (١/ ٢٧٨): متفق على ضعفه.
(٦) أخرجه أبو داود (٤٠١٤)، وذكر الأَلْبَانيُّ طرق الحديث في "الإرواء" (٢٦٩) ثم قال: "مجموع هذه الأسانيد تُعْطي للحديث قوةً، فيرقى بها إلى درجة الصحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>