للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما فيما يتعلَّق بالسرة، ففيه قصة أبي هريرة مع الحسن عندما قبَّل سرته، وقال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَل ذلك (١)، وَوَردتْ في ذلك عدة أحاديث، ولكنها لا تَخْلو من مقالٍ، ومنها حديث أبي سَعِيدٍ الخدريِّ: "عَوْرة الرَّجل ما بين السُّرة والرُّكبة" (٢)، ولمَّا كانت هذه أحاديث مُتكلمًا فيها، لم نعرض لها.

قَالَ: (فَذَهَبَ مَالِكٌ (٣) وَالشَّافِعِيُّ (٤) إِلَى أَنَّ حَدَّ العَوْرَةِ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٥)).

فَذَهبَ مالكٌ والشافعيُّ، وَكَذلك أحمد (٦)، وأبو حنيفة وَافَقهم إلا في جزئية أنه اعتبر الرُّكْبَتين من العورة، وأخرج السُّرَّة، وبذلك خَالَفهم، وَهَذَا ليس قولًا واحدًا، فمثلًا في مذهب الشافعية نجد خمسة أقْوَالٍ في المسألة (٧)، ونحن لا نتتبع الجزئيات، وَلَكن هذه هي الأقوال الثابتة المستقرة عنه.


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٧٤٦٢)، عن عُمَير بن إسحاق، قال: كُنْتُ مع الحسن بن عليٍّ، فلقينا أبو هريرة، فقال: أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل. قال: فقال بقميصه، قال: فقبل سرته .. وضعفه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه الحارث ابن أبي أسامة في "بغية الحارث" (١/ ٢٦٤)، وضَعَّفه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٦٦٧)، وقال: "وهو سلسلة ضعفاء إلى عطاء".
(٣) يُنظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (١/ ٢٨٨)، حيث قال: "قوله: "ما بين سرة وركبة": فَعَلَى هذا يكون فَخِذ الرجل عورةً مع مثله ومحرمه، وهو المشهور، فيَحْرم كشفه. وقيل: لا يحرم، بل يُكْره مطلقًا. وقيل عند مَنْ يستحي منه، وَقَد استدلَّ صاحب هذا القول "بكشفه - صلى الله عليه وسلم - فخذه بحضرة أبي بكرٍ وعمر، فلما دخل عثمان ستره، وقال: "ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٢/ ٧)، حيث قال: "أمَّا نفس السُّرَّة والركبة، فليستا منها، لَكن يجب ستر بعضهما؛ ليحصل سترها".
(٥) سبق ذكر مذهب الحنفية، وأن الرُّكبة من العورة.
(٦) يُنظر: "الإقناع " للحجاوي (١/ ٨٧)، حيث قال: "وعورة الرجل ولو عبدًا، وابن عشر والأمة ما بين السُّرة والركبة".
(٧) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٣٩٧)، حيث قال: "وخرج بذلك السرة والركبة، فليسا من العورة على الأصح. وقيل: الركبة منها دون السرة. وقيل عكسه. وقيل: السوءتان فقط".

<<  <  ج: ص:  >  >>