للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالَ قَوْمٌ: العَوْرَةُ هُمَا السَّوْءتَانِ فَقَطْ مِنَ الرَّجُلِ).

وهذه أيضًا روايةٌ للإمام أحمد (١)، نُقِلَ ذلك عن ابن جريرٍ (٢).

وَعَنْ بعصْ أهل الظاهر (٣)، ويستدلُّون بقول الله سُبحَانهُ وتَعَالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: ٢٦].

وفي آيةٍ أُخْرَى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأَعْرَاف: ٢٧].

فَقَالوا: هي الَّتي وَرَد عليها النَّصُّ، ويُؤيِّدون ذلك بأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - حَسَر عن فخذِهِ وهو جَالسٌ مع أصحابِهِ (٤) فَقَالوا: دل ذلك على أنه ليس


(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٤٤٩)، حيث قال: "وعنه: أنَّها الفرجان .. اختاره المجد في "شرحه"، وصاحب "مجمع البحرين"، و "الفائق". قال في "الفروع": وهي أظهر، وقدمه ابن رزين في "شرحه"، وقال: هي أظهر، وإليها مَيْل صاحب النظم أيضًا فيه".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابْن عبد البَر (٢/ ١٩٧)، حيث قال: "وقال ابن أبي ذئب: العَوْرة من الرجل الدبر والقبل دون غيرهما، وهو قول داود وأهل الظاهر، وقول ابن علية والطبري".
وَتَعقَّب ابن حجر النَّووي في نسبة هذا القول لابن جرير، فقال في "فتح الباري" (١/ ٤٨١): "في ثُبُوت ذلك عن ابن جرير نظرٌ؛ فقَدْ ذكر المسألة في "تَهْذيبه"، ورد على مَنْ زعم أن الفخذ ليست بعورةٍ".
(٣) يُنظر: "المُحلَّى" لابن حزم (٢/ ٢٤١)، حيث قال: "مسألة: والعورة المفترض سترها على الناظر وفي الصلاة -من الرجل: الذكر وحلقة الدبر فقط، وليس الفخذ منه عورة".
(٤) أخرجه مسلم (٢٤٠١) أنَّ عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكرٍ فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسوَّى ثيابه- قال محمد: ولا أقول ذلك في يومٍ واحدٍ - فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكرٍ فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: "ألا أَسْتَحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>