للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعورةٍ، إذًا العورة هما السوءتان، هذا -ولا شك- قول ضعيف.

قَالَ: (وَسَبَبُ الخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَثَرَانِ مُتَعَارِضَانِ كلَاهُمَا ثَابِتُ، أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ جُرْهُدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الفَخِذُ عَوْرَةٌ" (١).

يَجْعل المؤلِّف سببَ الخلاف في هذه المسألة وُجُود أثرين:

الأوَّل: ليس في "الصَّحيحين"، وإنما ذكره البخاري تعليقًا، ومعنى "ذَكَره تعليقًا"، أَيْ: أشَار إليه في تراجمه بمعنى أنه سَاقَه دون سندٍ، أمَّا الأحاديث غير المعلقة التي يرويها فهي المسندة.

وأيضًا ذَكَره غير البخاريِّ، وهُوَ حَديثٌ صحيحٌ، وهو حديث جُرْهدٍ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الفَخِذُ عَوْرةٌ".

الثانى: حديث متفق عليه، وهو حديث أنسٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "غَطِّ فَخِذَك، فَإنَّ الفَخِذَ عَورةٌ" (٢).

قالوا: هَذَا أمرٌ، والأمرُ يَقْتضى الوجوب، فدل ذلك على وجوب تغطية الفخذ، وكونه أمرًا، فهو دليل على الوجوب، إذًا الأمر فيه إيجابُ تغطية الفخذين، فدلَّ ذلك على أن عورةَ الرجل ما بين السُّرَّة والرُّكبة، وأيَّدوا ذلك بما وَرَد من آثارٍ وأَحَاديثَ فيها كلامٌ للعُلَماء.

قَالَ: (وَالثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَسَرَ عَنْ فَخِذهِ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ" (٣)).

هَذَا في يوم خَيْبر، وأن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - حَسَر عن فَخذهِ، وهذا الذي


(١) سبق تخريجه.
(٢) الحديث الثاني الذي سيذكره ابن رشد هو حديث أنس، وأما حديث: "غَطِّ فَخِذَكَ … "، فَهَذا هو حديث جرهد الذي معنا، وليس متفقًا عليه، فلعله خطأٌ من الناسخ.
(٣) أدخل المصنف حديث أنسٍ في حديث عائشة، وسينبه الشارح إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>