للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأة، ما هو جائزٌ، وَمَا هو واجبٌ، أَيْ: ما هو فاضل، وما هو مَكْروه أو محرم.

قَالَ: (هَلْ هَذَا المُسْتَثْنَى المَقْصُودُ مِنْهُ أَعْضَاءٌ مَحْدُودَةٌ، أَمْ إِنَّمَا المَقْصُودُ بِهِ مَا لَا يُمْلَكُ ظُهُورُهُ؟).

الذين استثنوا الوجه والكفين استدلوا بدليلين:

• الدليل الأول: هو قَوْله - صلى الله عليه وسلم - فِي الحديث الصحيح المتفق عليه: عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: "وَلَا تَنْتَقِب المرأةُ المُحْرِمةُ، ولا تَلْبَسِ القُفَّازينِ" (١) قالوا: هذا دليلٌ على أن الوجَهَ والكفَّين ليسا بعَوْرةٍ، لأنهما لو كانا عورة لما نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تنتقب أي: أن تضع النقاب في وجهها، وأن تلبس القفازين.

• الدَّليل الثَّانِي: وَهُوَ تَفْسير عبد الله بن عباس لقَوْل الله سُبحَانهُ وتَعَالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١].

قَالَ: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، المراد: الوَجْه والكَفَّان (٢)، ويُخَالفه في هذا التفسير الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (٣). وهذه من المسائل التي يدور عليها الخلاف (مسألة الحجاب)، أي: وُجُوب تغطية المرأة وجهها، وعدم تغطيته في غير الصلاة، والقصد عن الأجانب، وفي هذا وَرَد حديث عائشة أَنَّ النساءَ كنَّا وَهُنَّ في طريقهنَّ إلَى الحجِّ إذا مرَّ بهنَّ من ركب،


(١) أخرجه البخاري (١٨٣٨)، وليس مما اتفق عليه البخاري ومسلم.
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ٢٥١، ٢٥٢)، حيث قال: "وقد روينا عن ابن عباس {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: الكف، والخاتم، والوجه. وعن ابن عمر: الوجه، والكفان، وعن أنبى: الكف، والخاتم، وكلُّ هذا عنهم في غاية الصحة، وكذلك أيضًا عن عائشة وغيرها من التابعي".
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ١٥٥)، عن ابْن مَسْعودٍ، قال: "الزينة زينتان، فالظاهرة منها الثياب، وما خفي الخَلْخَالان والقرطان والسواران".

<<  <  ج: ص:  >  >>