يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ مِنْهُ " (١)، فلا يلزم أن تكون في هذا المقام.
قَدْ نَظنُّ نحن أن ما يتعلَّق بغسل اليدين إنما هو أمرٌ سهل (يعني: غَسْل اليدين قبل إدخالهما في الإناء)، لكن الأمر أكثر من ذلك في الواقع، ولذلك الرسول - عليه الصلاة والسلام - أكَّد ذلك الأمر، وأرشد إليه، وقال: " فَلْيَغْسل يدَه ثلاثًا "، " فَلْيَغْسل يدَه ثلَاث مرَّات "، " فَلَا يَغْمس يدَه في الإنَاء "، " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ".
وقد علمنا أن العلماءَ أخذوا منه عدة نكت، منها: أن المستحب في بعض الأمور التي لا يُوجَد فيها لَبْسٌ، أي: إذا كانت واضحةً للمخاطب ولا للسامع، فإنه يُكنَّى في تلك الأمور التي يكون المقام مناسبًا فيها، فهنا لم يرد في الحديث تنصيصٌ على موضعي النجاسة، وقلنا: هذا هو أسلوب القرآن كما ذكرنا {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، إذًا، هذا دليلٌ، وأيضًا الحديث الذي أوردناه.
نقول: إنَّ العُلَماء قد اختلفوا في هذه المسألة:
* جماهير العلماء على أن غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء إنما هو مستحبٌّ، وليس واجبًا.
* ومنهم مَنْ أوجب ذلك من نوم الليل.
* ومنهم من عمَّم ذلك في النوم مطلقًا.
* ومنهم من استحبَّ ذلك للشاكِّ لا لغير الشاكِّ.
والواقع أن الأحاديثَ لم تفرق بين شاكٍّ وغير شاكٍّ، فإن الوارد في الأحاديث التي وصفت لنا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبين فيها أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يغسل يديه قبل أن يُدْخلهما في الإناء.
* ما المراد باليد في قوله: " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ "؟
(١) بزيادةٍ منه، ورد الحديث في مسند أحمد (ح ٩٨٦٩).