ليسَ في الأحاديث ذكرٌ لمَوْضع اليد، فاليد قد تُطْلق ويقصد بها الكفُّ، وقد تكون أكثر من ذلك، فهل اليد إذا أُطْلقَت تنصرف إلى الكفِّ فقط؟
الواقع أن اليدَ عندما تُطْلق إنما هي تنصرف إلى الكفِّ الذي ينتهي إلى المفصل، والأدلة على ذلك كثيرةٌ:
* منها قول الله سبحانه وتعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨].
وفي التيمم يقول الله سبحانه وتعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}[المائدة: ٦].
إذن، وَرَد ذِكْرُ اليد، ولم يُحدِّد الموضعَ الذي تُمْسح فيه اليد، وتَعْلَمون أن الوضوءَ إنما هو إلى المرفق، بل إن العلماء دققوا في ذلك، وسيأتي الخلاف في غسل اليدين إلى المرفقين كما في الآية، هل الغاية داخلةٌ في المغيَّا، بمعنى: هل يدخل المرفق أو أننا نقف عند الحدِّ، وأن الصحيح أنه إدخال المرفقين، ثم يرد بعد ذلك لو قُطعت يد إنسان من المرفق من المفصل، فهل ينتقل الحكم إلى الطرف الآخر، لأنه ملاصقٌ لمَحلِّ الواجب، وسوف يأتي أن هَذَا هو الصحيح.
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، والسارق إنما تُقْطع يده من مفصل الكف، والتيمم إنَّما هو كما ورد في الحديث:" فَضَرب بيديه على الأرض، فمسح بهما وجهه وكفيه ".
إذًا، يقيننا أنَّ الكتابَ والسُّنةَ متلازمان، وأن السُّنةَ إنَّما جَاءَتْ لأُمُورٍ، منها بيان تلكم الأحكام، وتفسير ما جاء مجملًا في كتاب الله عز وجل، وإننا قد نبَّهنا إلى ذلك عدة مرات، وسنكرر التنبيه على ذلك كلما جاءت مناسبة؛ لنردَّ على أولئك الذين يدعون أنه لا حاجة للسُّنَّة، وأن ما في كتاب الله سبحانه وتعالى إنما هو كَافٍ، وأن الأحكام فيه واضحةٌ، وقد رأيتم ما دار من حوارٍ يسيرٍ بين عمر بن عبد العزيز وبين الخارجِيَّين