للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا في قضاء تلك الصلاة بعد ذلك (١).

أما الثياب المغصوبة، فهي ما أُخِذَتْ غصبًا (٢).

والغَصبُ ذاته مُحرَّمٌ؛ لقول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨].

ولقوله أيضًا: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠]، [المائدة: ٨٧].

ولقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "مَن اقْتطَعَ شِبرًا من الأرض؛ طوقه الله به سبع أرضين يوم القيامة" (٣).

ولقوله أيضًا: " (إن الله حرم الظلم على نفسه، وجعله بينكم محرمًا" (٤).

لأنه ظلمٌ للغير، واعتداء على حقه، وقد يضطر الإنسان إذا كان في فلاة (٥) أو غير ذلك من الضرورات، وأراد النجاة بأي وسيلةٍ؛ فيطلب من


= وانظر في مذهب الشافعية: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، للبغوي (٢/ ١٥٢، ١٥٣)، وفيه قال: "وإن وجد العريان ثوبًا نجسًا عليه ستر العورة به، وهل يُصلِّي فيه أم يصلي عاريًا؟ فيه قولان، أحدهما: يُصلِّي فيه كما يلبسه لمَنْع أبصار الناس، ثم يعيد الصلاة. والثاني وهو الأصح: يصلي عاريًا، ثمَّ هل يصلي قائمًا؟ الأصحُّ أنه يُصلِّي قائمًا، ولا تلزمه الإعادة". وانظر: "الغرر البهية"، لزكريا الأنصاري (١/ ٣٥٠).
وانظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع "، للبهوتي (١/ ٢٧٠)، وفيه قال: " (ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا، ولم يقدر على غسله، صلى فيه وجوبًا)؛ لأن ستر العورة آكد من إزالة النجاسة؟ لتعلُّق حقِّ الآدمي به في ستر عورته، ووجوب الستر في الصلاة وغيرها، فكان تقديم الستر أهم ".
(١) سبقت هذه المسألة.
(٢) "الغَصْبُ ": أخذ الشيء ظلمًا وقهرًا. انظر: "العين "، للخليل (٤/ ٣٧٤).
(٣) أخرجه مسلم (١٦١٠/ ١٣٧)، بلفظ: "مَن اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا، طوَّقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين ".
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٧٧/ ٥٥)، بلفظ: "يا عبَادي، إنِّي حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا".
(٥) "الفلاة": المفازة، والجمع: الفَلَوات. انظر: "العين"، للخليل (٨/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>