للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* واختلفوا أيضًا في دم ما لا نفس له سائلة، مثل: البراغيث والذباب، وما أشبه ذلك، على خلاف بينهم أيضًا في الذباب.

*واختلفوا في السباع، فهم يقسمونها إلى أقسام بعد إجماعهم أيضًا -ما عدا المالكية- على نجاسة الكلب والخنزير، ومر معنا أثر: "يا صاحب الحوض، لا تخبرنا فإننا نرد على السباع" (١).

والكلامُ في كل هذا طويلٌ، لكن المؤلف عرَّج عليه، شأنُهُ شأن الفقهاء عامة في ذكرهم أبواب الطهارة مفصلة، ثمَّ العودة إليها، لينبهوا على أن المصلي ينبغي عليه أن يكون طاهر الثياب، والبدن، والبقعة التي يصلي فيها، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "صُبُّوا على بَوْل الأعرابي ذَنوبًا (٢) من ماءٍ" (٣).

إذًا، هي أشياء لا بُدَّ منها، والجمهور مُتَّفقون (الحنفية والشافعية والحنابلة) على أن الطهارة من النجس شرط في صحة الصلاة، وخالف في ذلك المالكية في روايتين عنهم، ووافقوا الجمهور في الرواية الثالثة، وللكلام تفاصيل طويلة، ولبعض السلف أيضًا نقاشات في هذا (٤).

* قوله: (وَأَمَّا الطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَسِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا سُنَّة مُؤَكَّدَةٌ! فَيَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهَا فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ أَيْ: مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا).

قوله: "إنَّها سُنَّة مؤكدةٌ"، يُشير إلى روايةٍ في مَذْهب المالكية، وهي ليست الرَّاجحة، ولا المشهورة، وإنما الرَّاجح عندهم التَّفريق بين الناسي وغيرهم (٥).


(١) أخرجه مالكٌ في "الموطإ" (١/ ٢٤)، وضَعَّفه الأَلْبَانيُّ في "مشكاة المصابيح" (٤٨٦).
(٢) "الذَّنوب": الدلو الملأى ماءً. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ١٢٩).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٨٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود - الأم" (٤٠٦).
(٤) سبقت هذه المسألة.
(٥) بل الراجح عندهم هو التفريق بين الذاكر والناسي، فإزالة النجس واجبة على الذاكر، لَكن مَنْ نسي فلا شيء عليه. انظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير"=

<<  <  ج: ص:  >  >>