للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطوله؛ فَكَان بعض الناس يَسْتتر به ليتبول (١)، وهذا حَصَل لعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- حيث استظلَّ ببعيره وبال (٢).

فكلُّ هذه عللٌ سيأتي الكلام عنها في سياق كلام المؤلف.

قوله: (وَأَمَّا المَوَاضِعُ الَّتِي يُصَلَّى فِيهَا).

إذن، نُقرِّر باختصارٍ أن الأئمة -ومنهم: الشافعيُّ، ورواية للإمامين مالك وأحمد (٣) - يَقُولُون بصحَّة الصلاة في هَذِهِ المواضع شريطة أن تَخْلو من النجاسة؛ لأنَّ الأصلَ فيها الطهارة، ومن الحنابلة مَنْ قال بالحرمة، وبطلان الصلاة، ويلتقي معهم بعض العلماء إلا أنهم يستثنون من ذلك المقبرة والحمام (٤)، ويستدلون بحديث: "جُعلَتْ لي الأرض كلها مسجدًا


(١) انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٥٢)، وفيه قال: "ويحتمل أن المنع في هذه المواضع معللٌ بأنها مظان للنجاسات، ومعاطن الإبل يُبَال فيها، فإن البعير البارك كالجدار يُمْكن أن يستتر به ويبول".
(٢) أخرجه أبو داود (١١)، عن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى، إنَّما "نُهِيَ عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بَيْنك وبَيْن القبلة شيءٌ يسترك، فلا بأس"، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود -الأم" (٨).
(٣) انظر: "الروايتين والوجهين"، لأبي يعلى الفراء (١/ ١٥٦)، وفيه قال: "واختلفت في المواضع المنهيِّ عن الصلاة فيها إذا صلى فيها، هل تبطل صلاته؟ … ونقل أبو الحارث: إذا صلَّى في المقبرة أو الحمام يُكْره، فقيل له: يعيد؟ قال: إنْ أعاد كان أحب إليَّ، وظاهر هذا أن الإعادة غير واجبةٍ؛ لأنها بقعة طاهرة مستقبل بها القبلة، فَصحْت الصلاة فيها".
(٤) اتفق الفقهاء على كراهية الصلاة في هذه المواطن؛ لأنَّها مظنة وُجُود النجاسة والانشغال عن الصلاة، وقطع الخشوع، وإذا ما تيقن وجود نجاسة، فإنها تبطل، وخالف الحنابلة، فقالوا في المشهور عنهم بالبطلان من غير تفصيل.
انظر في مذهب الأحناف: "حاشية ابن عابدين (رد المحتار) " (١/ ٣٧٩، ٣٨٠)، وفيه قال: " (قوله: وكذا تكره … إلخ)، لما ذكر الكراهة في الزمان، استطرد ذكر الكراهة في المكان، (قوله: ومقبرة)، ولا بأس بالصلاة فيها إذا كان فيها موضعٌ أُعدَّ للصلاة، وليس فيه قبر ولا نجاسة، كمَا في الخانية، ولا قبلته إلى قبر حلية.=

<<  <  ج: ص:  >  >>