للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَارِعَةَ الطَّرِيقِ).

الفُقَهاء اختلَفوا فيما لو صلى إنسانٌ على ما ارتفع من الطريق، والصحيح من أقوالهم صحة الصلاة ما لم تكن فيه نجاسةٌ، وهذا رأي من يعللون المنع بوجود نجاسةٍ، ولا يعتبرون بمرور الناس مقبلين أو مدبرين؛ لأنَّ هذا لا يضرُّ الناس أو يَمْنعهم من المرور (١).

قوله: (وَالحَمَّامَ، وَمَعَاطِنَ الإِبِلِ).

سَبَق الكلام عن الحمام، أما معاطن الإبل فعلَّة النهي عن الصلاة فيها لَيْسَت لنجاستها (٢)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أذِنَ للعرنيين أن يشربوا أبوالها وألبانها؛ فدلَّ على طَهَارتها (٣)، والمسألة فيها خلاف معروفٌ بين نجاستها أو طهارتها (٤).


(١) وهذا التفصيل هو مذهب الجمهور خلافًا لمعتمد مذهب الحنابلة الذين أبطلوا الصلاة من غير ذكر هذا التفصيل.
(٢) وهذا مذهب الأكثرين، فقد ذَكَروا عللًا أُخرى، وقد سبق.
(٣) أخرج البخاري (١٥٠١)، واللفظ له، ومسلم (١٦٧١/ ٩)، عن أنسٍ -رضي الله عنه-: أن ناسًا من عُرَينة اجتووا المدينة "فرخص لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها، وأبوالها"، ففتلوا الراعي، واستاقوا الذود، فأرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأُتِيَ بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وتركهم بالحرة يعضون الحجارة.
(٤) في مذهب الأحناف: نجسة ولكن نجاستها خفيفة. انظر: "الجوهرة النيرة على مختصر القدوري"، للحدادي (١/ ٣٨)، وفيه قال: " (قوله: وإن أصابه نجاسة مخففة كبول ما يؤكل لحمه)، المخففة ما ورد بنَجَاستها نص وبطهارتها نص كبول ما يؤكل لحمه ورد بنجاسته قوله عليه السلام: "استنزهوا الأبوال"، وهو عام فيما يؤكل لحمه وفيما لا يؤكل، والاستنزاه هو التباعد عن الشيء.
وفي مذهب المالكية: طاهرة، انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٨٢)، وفيه قال: "أبوال ما يؤكل لحمه وأرواثه طاهرة. لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} الآية، (ولما روي أنه عليه السلام أباح للعرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها) ". وانظر: "حاشية العدوي على شرح مختصر خليل" (١/ ٢٧٨). وفي مذهب الشافعية: نجس، انظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (١/ ٢٣٣)، وفيه=

<<  <  ج: ص:  >  >>