للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِمَا، وَحَدِيثَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِمَا، فَأَمَّا المُتَّفَقُ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي -وَذَكَرَ فِيهَا- وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ صَلَّيْتُ" (١).

هَذِهِ الأَحَاديثُ لَهَا ألفاظٌ عدة، منها في "الصحيحين"، ومنها في غيرهما.

قوله: (وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تتَخِذُوهَا قُبُورًا" (٢).

هَذَا الحديث في "الصَّحيحَين"، وهو دليل على إقامة الجماعة في المساجد، ولكن قد يفهم منه بعض الناس أن الإنسان يُعْذر في ألا يحضر صلاة الجماعة، وهذا فهمٌ خاطئٌ، والصحيحِ: أنَّ المُراد النوافل غير المكتوبات، وصلوات التطوع، أما المفروضة فتُؤدَّى في المساجد؛ لأنها عُدَّت لإقامة الصلاة، وقراءة القرآن، وذكر الله سُبْحانه وتعالى.

ووَجْه الدلالة من الحديث: أن الإنسان لو لم يُصلِّ في بيته؛ كان البيت أشْبَه بالمَقْبرة، ودل ذلك على أن المقابر لا يُصلَّى فيها.

قوله: (وَأَمَّا غَيْرُ المُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا، فَأَحَدُهُمَا مَا رُوِيَ "أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: فِي المَزْبَلَةِ، وَالمَجْزَرَةِ، وَالمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ"، خَرَّجَهُ التّرْمِذِيُّ (٣).

بخُصُوص معاطن الإبل قَدْ ذكرنا مِن العلل أن الأمر تعبدي، وأنها


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٤٣٢)، ومسلم (٧٧٧/ ٢٠٨)، عن ابن عمر.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>